حمولة ...

أشار الدكتور قاسم جوادي إلى منزلة أهل البيت(ع) لدى الصوفية على مر التاريخ وقال: ينبغي على الشيعة لهذا السبب الإهتمام أكثر بالتصوف، وهو منزلة أهل البيت(ع) لدى الصوفيين على مر التاريخ. فهؤلاء الصوفيون هم من أوجدوا في التاريخ حركة بحيث أسماهم الأستاذ رسول جعفريان السنّة الإثني عشرية.

تحدث الدكتور قاسم جوادي يوم الأربعاء الثاني من نوفمبر2016 في الندوة العلمية « الخدمة الإجتماعية التي قدمها الصوفيون والعرفاء للعالم الاسلامي » والتي أقيمت في جامعة الأديان والمذاهب الاسلامية.

 

قام الدكتور قاسم جوادي بمقارنة الحضور في المجتمع و الفكر الإجتماعي فقال: هل نفس الحضور في المجتمع له قيمة أم امتلاك فكر اجتماعي. من الممكن أن يكون الكثير من الأشخاص موجودون في المجتمع لكن ليس لهم أي عمل سوى خلق التوتر فيه. هؤلاء الأفراد هم في المجتمع على الظاهر. لكن أحياناً هناك أشخاص يجلسون جانباً لكن لديهم فكر اجتماعي و يتحدثون أو ينشرون كتاباً له تأثير اجتماعي و أفكارهم يمكن أن تكون حلاً لمشاكل المجتمعات البشرية والإسلامية.

 

الأدوار الإجتماعية المختلفة للصوفية والعرفاء

وتابع كلامه مشيراً إلى الأدوار الإجتماعية المختلفة للصوفية والعرفاء وقال: من أهم أدوار التصوف في العالم الاسلامي هو دور التصوف في إسلام العديد من المسلمين. قد يكون لدينا حجم هذا الإسلام في أقل التيارات الإسلامية الأخرى. جميع المجموعات في العالم الإسلامي قد بذلت جهوداً لكن أيّ منها لم يعمل كما عملت الصوفية في جذب الناس إلى الإسلام. هذا على الجانب الآخر من الفكر الذي يقول أن دين الاسلام هو دين السيف.

مثل هذا الكلام يُشاهد حتى في كتبنا. يشير الخوارزمي في أحد كتبه أن الدين يتقدم مع السيف. كما ان لناصر خسرو مثل هذه الإشارات في شعره. لكن أفضل جواب لهذا الإشكال هو أنه في دولة مثل أندونيسيا و الدول المجاورة لها قد انتشر الإسلام بفكر التصوف. في الوقت نفسه لا ينبغي تجاهل دور التجار و المبلغين. لكن القسم الأكبر من ذلك هو نتاج الصوفيين. فيما يخص أفريقيا أيضاً باستثناء شمال أفريقيا فإن الإسلام قد انتشر في بقية مناطق أفريقيا بواسطة التصوف. حتى أنه كان للصوفية دور كبير في تعزيز الاسلام في الكثير من المناطق.

 

دور العرفاء في مجال الأخلاق

وتابع الدكتور جوادي مشيراً إلى دور العرفاء في مجال الأخلاق وقال: كما كان للعرفاء دور في نشر الأخلاق في المجتمع. المقصود من الأخلاق الأخلاق الإجتماعية. هناك الكثير من رسائل الشهامة التي كتبها الصوفيون كما أن قسم منها قد طُبع. كتاب تحفة الأخوان أيضاً لعبد الرزاق كاشاني يضم عدة رسائل. فرسائل الشهامة كانت تقوم بعمل يسمى اليوم بعنوان أخلاق المهنة. أي عمل أفضل من تدوين نظام داخلي أخلاقي لكل نقابة. وبالطبع تم القيام بهذا العمل للطب اليوم. إن القسم الأكبر من الكتب الأخلاقية في العالم الإسلامي قد كتبها العرفاء والصوفية. أضخم كتاب أخلاقي لدى الشيعة يعني المحجة البيضاء كتبه المرحوم فيض. مصادر هذا العمل هي إحياء العلوم للغزالي.

كما تحدث حول دور الصوفيين في الجهاد فقال: كما كان للصوفية دور هام في الجهاد. ذكر أسعد الخطيب في كتابه "البطوله والفداء عند الصوفيه" عدة أمور حول دور الصوفية في حماية الثغور. المثير أن كلمة الرباط كانت شائعة في التصوف بمعنى الحد. كما شاهدنا تلك الأنشطة في الحركات المتعددة الأخرى حتى العصر الحاضر. عمر المختار الذي كان يقارع الإستعمار الغربي واستشهد قد حفظ القرآن في الدير. كان شخصية سنوسية. كما ان زعيم السنوسية هو شخصية كانت تحارب في ساحات الحرب ضد الإستعمار الغربي. عبد القادر الجزائري في الجزائر أيضاص كان يحارب الإستعمار الغربي وتم نفيه إلى سورية. لديه كتاب من أربع أجزاء باسم «المواقف» حول التصوف. من العابدين الثمانية المعروفين عبر التاريخ، كانوا سبع أشخاص مجاهديبن. كتاب «فردوس المرشدية» يدور حول حياة أبو اسحق الكازروني يضم بابين حول الجهاد؛ وهو الجهاد مع العدو و ليس جهاد النفس.

وتابع أستاذ التصوف في الحوزة كلامه مشيراً إلى تعامل الصوفية مع أتباع الأديان الأخرى وقال: كان الصوفيون يتعاملون مع أتباع المذاهب الأخرى. فمثلاً ذكر الدكتور مجتبائي في أعماله عدة تقارير عن الحركات الصوفية في الهند. إذا كان لدينا في الهند حركة باسم «حسيني برهمن» فعلينا أن نرى كم وقعت هذه المسألة تحت تأثير حركة التصوف في المنطقة وإلى أي مدى كانت تحت تأثير بقية التيارات والمسائل. وكما قال الدكتور شايكان أن أول شخص قد كتب حول الأديان المقارنة كان عمله رائعاً. كما أن كتاب مجمع البحرين هو عمل مقارن بين الهندوسية والإسلام وهو كتاب رائع. استطاع الكثير من هؤلاء الصوفية جذب الهنود إلى الإسلام بتعاملهم.

كما أن الأنشطة عامة المنفعة والعناية بالفقراء من قبل الصوفية هي من النقاط الأخرى التي تناولها الدكتور جوادي. وقد أشار إلى الوثيقة التاريخية بخصوص إهداء مؤنة غذاء إلى محضر الشيخ صفي في أردبيل وأضاف: يشير الأستاذ باستاني باريزي في مقال حول خدمات الصوفية إلى أن الصوفية وفي أكثر الظروف المتأزمة التي كانت تعصف بالبلاد يقومون بأعمال تعجز عنها الأمم المتحدة.

 

منزلة أهل البيت عليهم السلام لدى الصوفيين

كما أشار إلى منزلة أهل البيت عليهم السلام لدى الصوفيين على مر التاريخ وقال: ينبغي على الشيعة لهذا السبب الإهتمام أكثر بالتصوف، وهو منزلة أهل البيت(ع) لدى الصوفيين على مر التاريخ. فهؤلاء الصوفيون هم من أوجدوا في التاريخ حركة بحيث أسماهم الأستاذ رسول جعفريان السنّة الإثني عشرية.

كما كُتبت أطروحة في هذا الخصوص. هؤلاء الأشخاص هم حنفية صوفيون بشكل نسبي. نحن نواجه مشكلة حقيقية في مجال الكلام لنستطيع إثبات حديث واحد لكن في التصوف كان يُكتب و يدوّن بسهولة. جامي في شواهد النبوة وبعد ذكر حياة الخلفاء الثلاثة يذكر حياة الإمام علي(ع) حتى الإمام المهدي(عجل) والطريف أن قسم من العالم الإسلامي لديهم شبهة في مولده عليه السلام ولكن أهل التصوف يكتبون مثل هذا. أي دور اجتماعي أفضل من ذلك. لقد قللوا الكثير من الصراعات الموجودة اليوم لدى قسم كبير من العالم الاسلامي.

فمثلاً في دول أفريقيا نرى أن التصوف قوي جداً لدرجة أنه لا يبقى مكان لاستعراض التكفيريين قوتهم. لذلك لا ينبغي التأكيد بشكا متواصل على معارضة الصوفية لأن للتصوف مكانة كبيرة في جميع أنحاء العالم كما أن مواقفنا ضد التصوف تؤدي إلى اتخاذنا مواقف ضد قسم من العالم الاسلامي. اليوم يعتبر التصوف في الهند حركة ضعيفة نسبياً ولكنها فعالة وصاخبة. مدن في الهند عدد المسلمين فيها كبير يقيمون احتفالات وأفراح في أيام ولادة الرسول(ص) في كافة أنحاء المدينة.  هذه حركة لا يمكن أن تكون متوافقة مع التكفير. نرى في باكستان أن 48 بالمائة من الناس بريلو و زعيمهم طاهر القادري انسان فعّال وله حضور مؤثر في المجتمع.

وفي الختام قال الدكتور قاسم جوادي: الأخلاق الشائعة بين الصوفية أيضا لها دور و تأثير كبير. هذه الاخلاق الحسنة كانت السبب في التحاق الناس بالصوفية وبالاسلام. قوة الأخلاق هي السبب كما قال مارتين لينكز أنه عندما يريد عارف في الجزائر أن يبني ديراً فإن مريديه يأتون بدورهم من مختلف المدن الأخرى لبناء ذلك الدير فيقومون بعملهم و يذهبون ليأتي آخرون. وعلى الظاهر لا يوجد تبليغ لذلك. فما الشيء الذي يؤدي إلى هذا التأثير؟

 

 

 




المستعمل تعليقات