حمولة ...

هدف الإستعمار الإنكليزي القضاء على الإسلام بشكل كامل أو على الأقل تحويله من مذهب إسلامي إلى دين فكري متناغم مع الإستعمار. لهذا السبب كان يدعم بقوة شخصية مثل السيد أحمد خان. مثل هذا الوضع أوصل مسلمي الهند- سواء السنة أم الشيعة- إلى اتفاق غير مكتوب.

 

الإستعمار في منطقة الهند

إن حضور الإستعمار في الهند له تاريخ طويل حيث رزحت الشعوب المظلومة لهذه المنطقة قرون تحت ظل الإستعمار المخيّم فوق رؤوسها. بالرغم من وجود العديد من الموارد الغنية إلا أنّ الشعب الهندي قد عانى دائماً من الفقر والفاقة بسبب الإستعمار.   في البداية تشكلت شركة الهند الشرقية بذريعة التجارة عام 1600م في الهند ومع تعرّف الإنكليز أكثر على الهند و منابعها الطبيعية بدأ جشعهم يزداد رويداً رويداً. في عام 1757م  وفي معركة تُعرف باسم "بلاس"(2) هزم الإنكليز نواب بنغال لتخرج هذه المنطقة من تحت سيطرة المسلمين. في ذلك العام خرجت كلكته أيضاً من تحت سيطرة المسلمين. هذا المنوال كان السبب في أن تتحول الهند في منتصف القرن التاسع عشر إلى هند الإنكليزية أو الهند البريطانية. في عام 1857 ثار المسلمون والهندوس ضد الإنكليز. لكن تم قمع هذه الثورة بعنف لتصبح سيطرة الإنكليز على الهند كاملة واستمرت حتى عام 1947. لقد أثّر الإستعمار الإنكليزي تأثيراً عميقاً على القارة الهندية وعلى مختلف الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية.

على الصعيد السياسي تعرضت الأمبراطورية الإسلامية الكبرى (المغول) للإنهيار بعد تطوير شركة الهند الشرقية و من ثم الحكومة البريطانية وفي عام 1857م انتهت بشكل رسمي ومثل هذه الظروف غيّرت من مكانة المسلمين. فالمسلمون الذين كانوا يملكون إلى ذلك الوقت السلطة السياسية على الهند قد خسروا مكانتهم. كان الإنكليز يعتبرون أن المسلمين هم السبب الأساسي في ثورة 1857م فأبعدوهم عن الأنشطة السياسية و الإقتصادية والإجتماعية. كذلك الهندوس الذين كان يرون أن وجود المسلمين قد تقلص في المنطقة قد استغلوا الظروف الموجودة أفضل استغلال وكيّفوا أنفسهم مع الإنكليز أكثر من المسلمين. سياسة فرق تسد كانت إحدى برامج الإنكليز في الهند. إن خلق شعور قومي هندي تجاه مناهضي الأجانب (الإسلام) قد أدى إلى خلق صراع بين المسلمين والهندوس. كما حاول الإنكليز خلق تحولات أساسية في مجال الثقافة. أول شيء تم تغيير اللغة الرسمية إلى الإنكليزية.

 

نظام التعليم الإنكليزي

أصبحت اللغة الإنكليزية هي اللغة الرسمية الدارجة في الإدارات والمراكز العلمية. حتى اللغة الأردوية التي كانت لغة المسلمين تم حجره لصالح اللغة الهندية بدعم من الإنكليز. الهاجس الآخر الذي كان يؤرق المسلمين كان البرنامج التعليمي للإنكليز. فالبرنامج الدرسي الخاص بالمدارس والذي كان يوضع بواسطة الإنكليز كان متناغماً مع الأهداف التعليمية والنصوص الدرسية الإنكليزية.

اللغة الرسمية للتعليم في تلك المدارس هي الإنكليزية حيث تم تحريف الكثير من الحقائق التاريخية و الوطنية في المناهج الدراسية. من جهة أخرى فإن طبيعة الدروس في هذه المدارس علمانية و هذا الأمر لا يتناسب مع نفسية المسلمين في الهند. نظام التعليم الإنكليزي "باعتقاد علماء الهند كان يجعل من أبناء المسلمين بلا دين" كان يثير المشاعر الدينية للمسلمين.

اللغة الرسمية للتعليم في تلك المدارس هي الإنكليزية حيث تم تحريف الكثير من الحقائق التاريخية و الوطنية في المناهج الدراسية. من جهة أخرى فإن طبيعة الدروس في هذه المدارس علمانية و هذا الأمر لا يتناسب مع نفسية المسلمين في الهند. نظام التعليم الإنكليزي "باعتقاد علماء الهند كان يجعل من أبناء المسلمين بلا دين" كان يثير المشاعر الدينية للمسلمين.

في ردة فعل على سيطرة التعليم الإنكليزي طالب المسلمون في عام 1912م بتشكيل جامعة إسلامية حيث رُفض ها الطلب من قبل الإنكليز وهذا ما أثار غضب المسلمين(3). لهذا السبب اضطر العديد من علماء الدين التقليديين إلى تأسيس مدارس لحماية الدين و الوقاية من انفصال أبناء المجتمع الإسلامي الهندي عن ثقافتهم و سنّتهم وأهم تلك المدارس المدرسة الديوبندية(4) حيث توسعت فيما بعد على شكل سلسلة مدارس.

 

الشيعة والسنة في عصر الإستعمار

الهدف من الشرح الذي قدمناه حول عصر الإستعمار في الهند هو تبيين هذه النتيجة وهي أن موضوع الشيعة والسنة في عصر الإستعمار على الأقل على الصعيد السياسي والصراعات المادية لم تكن نشطة بشكل يذكر. الأصل في هذا الأمر يمكن تلخيصه في قسمين:

   الف)وجود عدو مشترك يعني الإنكليز الذين كانوا أعداء ليس مع الشيعة فقط بل مع أهل السنة أيضاً. هدف الإستعمار الإنكليزي القضاء على الإسلام بشكل كامل أو على الأقل تحويله من مذهب إسلامي إلى دين فكري متناغم مع الإستعمار. لهذا السبب كان يدعم بقوة شخصية مثل السيد أحمد خان. مثل هذا الوضع أوصل مسلمي الهند- سواء السنة أم الشيعة- إلى اتفاق غير مكتوب وهو أن الأولوية الرئيسية في ساحة المواجهة هو الإستعمار الإنكليزي الذي يعنبر خطره أكبر من كل شيء. مثل هذا النهج قلل من التوترات والصراعات وسط مجتمع أهل السنة والشيعة.

   ب)المشكلة الأخرى التي كانت لدى المسلمين وجود مذاهب و مدارس مختلفة (مثل: الهندوسية، السيكية واليانية). هذه الأفكار كانت تعتبر الأديان المحلية للناس ولم يكن لها القدرة على الظهور في عصر حكام المغول، حيث استفادت بشكل جيد من الظروف في مرحلة الإستعمار الإنكليزي.  كان الإنكليز يرجّحون التقارب من السيكيين والهندوس على المسلمين. فالهندوس الذين لم يكن لهم مكانة في عصر المغول تطوروا سريعاً في عصر الإستعمار وأخذوا مكان المسلمين. مثل هذا الوضع كان السبب في أن يتحدوا عقائد المسلمين و بالتالي يبدون كأنهم عدو مشترك آخر.

هذان العاملان كانا السبب لتصل المواجهة المباشرة بين أهل السنة والشيعة في عصر الإستعمار إلى أدنى مستوياتها. النقطة الأخرى التي قللت من المواجهة بين الشيعة والسنة هي أنه على الرغم من أن أهل السنة كانوا يشكلون الأكثرية في الهند لكن بما أنهم فقدوا ركيزة السلطة الرسمية لم يعد لديهم القدرة على المواجهة المباشرة مع الشيعة. بالطبع، هذا لا يعني أنه هناك مثل هذا الجو السلمي على مستوى الفكر. بعبارة أخرى على الرغم من استمرار المواجهة بشكل كبير على مستوى الفكر إلا أنها كانت تتلخص في النصوص ولم تكن لتصبح سبباً للمواجهة الخارجية.

 

المصادر:

1.العنوان: مجلة أبحاث الإمامة الفصلية التخصصية/العدد2/ صيف2011

(الكاتب سيد مهدي عليزاده الموسوي/عنوان المقالة: علاقات أهل السنة في الهند مع الشيعة في مجال السياسة والفكر)  

2.plassey

3.Ayesha jalal.self and sovereignty:individual and community in south Asian islam since1850.london2000.p.197

4.http://okhowah.com/fa/10653




المستعمل تعليقات