حمولة ...

كتب علماء أهل السنة الكثير من الكتب و رفضوا عقيدة التكفير و أوضحوا فيها عقيدة أهل السنّة. في هذا الزمن سمعت أن هناك من يعتقد بتلك العقيدة. لم أنجح حتى الآن في لقاء شخص منهم عن قرب والحديث معه.

* مولوي عبد الحميد – ثلاثة أجزاء

أستاذ حوزة أهل السنة في سيستان وبلوشستان

 

من بين جميع المذاهب الإسلامية لا شك أنّ مذهب أهل السنة هو واحد من أكثر المذاهب اعتدالاً و وسطية لدرجة أنهم لا يكفّرون أحداً قدر المستطاع.

 

♦آراء علماء أهل السنّة الكبار

قال الإمام أبو حنيفة في الفقه الأكبر: «لا نكفّر أحداً بذنب وَلا ننفي أحداً عن الإيمان».

قال الإمام الشافعي رئيس مذهب الشافعية والمتوفي عام 204: أقبل شهاده أهل الأهواء إلا الخَطّابيه؛ لأنّهم يشهدون بالزور لموافقيهم.

كتب أبو الحسن الأشعري رئيس الأشاعرة المتوفي عام 324 ومؤسس مذهب الأشاعرة: اِخْتَلَفَ المُسْلِمُون بَعْدَ نَبِيهِمْ صلي الله عليه وسلم في أَشْياء ضَلَّلَ بَعْضُهُم بعضاً ، وبَرِي ءَ بَعْضُهُم من بعضٍ فَصاروا فِرَقا مُتَباينِين وأحزابا مُتَشَتِّتِين إلاّ أنّ الإسلامَ يجْمْعُهُم ويشْتَمِلُ عَلَيهِم.

نقل زاهر بن أحمد السرخسي المتوفى عام 389 وهو من أصدقاء أبو الحسن الأشعري المقربين أنه عند وفاة الأشعري أمرني أن أجمع جميع أصحابه و أتباعه، فقال لهم:

اِشْهَدُوا عَلَي أنَّنِي لا أُكفِرُ أحداً من أهل القِبْلَه بِذَنْبٍ، لأنّي رأيتُهُم كلَّهُم يشيرُون إلي مَعْبُودٍ واحدٍ والإسلامُ يشْمُلُهم ويعُمُّهُم؛.

اِشْهَدُوا عَلَي أنَّنِي لا أُكفِرُ أحداً من أهل القِبْلَه بِذَنْبٍ، لأنّي رأيتُهُم كلَّهُم يشيرُون إلي مَعْبُودٍ واحدٍ والإسلامُ يشْمُلُهم ويعُمُّهُم؛.

 

يقول شيخ السلام السُبكي المتوفي عام 756 وهو من علماء أهل السنّة المشهورين: إنَّ الإقدامَ عَلي تكفيرِ المؤمنين عُسَرٌ جِدّا ، وَكلُّ من كان في قَلبِه إيمانٌ يسْتَعْظِم القولُ بِتَكفير أهلِ الأهواء والبِدَعِ، مع قولهم لا إله إلاّ اللّهُ ، محمدٌ رسولُ اللّه ، فَإنَّ التكفير أمرٌ هائلٌ عظيمُ الخَطَر.

ظهرت في صدر الاسلام مجموعات و فرق مختلفة تعتقد بتكفير الآخرين و من بينها الخوارج الذين يحاربهم أهل السنة و يطرحون عليهم آراءهم المعتدلة؛ لكن في الوقت الحالي فإن أول فكر تكفيري ظهر في مصر قد تشكّل في السجون المناهضة للبشرية.  

 

أعوام من السجن و التعذيب

قضى الآلاف من المسلمين أعواماً في السجون و تحت التعذيب الوحشي فقط بسبب عقائدهم الإسلامية. هناك ومع مشاهدة بعض الشباب لظلم الجلاوزة و تعذيبهم الوحشي وما ينطقون به من ألفاظ الكفر (كانوا يقولون الله غير موجود هنا واطلبوا من إلهكم أن يخلّصكم) فقد أصيبوا بعقدة و غضب شديدين لذلك وبسبب عقدتهم و غضبهم اعتقدوا بكفر الظالمين والجلاوزة. في ذلك الوقت كتب علماء السنّة العديد من الكتب رفضوا فيها عقيدة التكفير و شرحوا فيها عقيدة أهل السنّة.

  في هذا الزمن سمعت أن هناك من يعتقد بتلك العقيدة. لم أنجح حتى الآن في لقاء شخص منهم عن قرب والحديث معه. أظن أنه من المحتمل أنهم قد قالوا هذا الكلام أو أظهروا الميل إلى الأفكار المنحرفة  بسبب الإنفعال كردة فعل على الظلم والإضطهاد الذي مورس بحقهم؛ لكن هم أنفسهم يعلمون أن نظريتهم ليست علمية بل إنفعالية.

 

♦تخطيط الدول الغربية

من الطبيعي أن الدول الغربية وخاصة في هذا الوقت الذي يرون فيه أنفسهم مستهدفين تقوم بالتخطيط و السعي لزجّ المسلمين في صراعات فيما بينهم، وقد يكون لهم دور في هذا السياق لكنّ الدور الأساسي والمهم تقوم به و تنفذه الدول التي تسمى بالإسلامية. إن الكثير من الحكومات الإسلامية سلوكهم وحشي مع المسلمين. إنهم لا يعترفون بأدنى حق للمسلمين ولا حتى بحق الحياة. في هذه الدول لا يُراعي أي قانون في ظلم المسلمين و الإضطهاد الذي يمارس عليهم.   

على سبيل المثال يشارك المسلمون في مصر والجزائر بمنتهى المشقة في الإنتخابات و يفوزون، لكن القوى الظالمة لا تعترف للمسلمين بأي حق وتزجّ بالمسلمين في السجون و المعتقلات.

من الطبيعي أن تغضب فئة و تتجه نحو التطرف. سمعت (والله أعلم) أنهم طلبوا في بداية الثورة من مجموعة عسكرية إيرانية أن تقوم بانقلاب عسكري ضد الثورة الاسلامية؛ فتم اعتقالهم و محاكمتهم وإعدامهم. سألوا سماحة قائد الثورة عن عائلاتهم فقال:أصدر الإمام الخميني (رحمه الله عليه) أمراً للعناية بعائلات هؤلاء الأشخاص الذين تم إعدامهم وأعطوهم منازل ولم يقطعوا رواتبهم أبداً. مثل هذا التصرّف الإنساني له تأثير و يخفف من غضب وكراهية تلك العائلات.

 

طرق مواجهة التطرف

السبيل الوحيد لمواجهة التطرف هو مراعاة الحق والعدالة واحترام البشر جميعا دون النظر إلى دينهم و مذهبهم وعقيدتهم. عندما تتم مراعاة العدل والإنصاف والقانون فإن ذلك بنفسه يحول دون تنامي العنف والتطرّف.




المستعمل تعليقات