حمولة ...

عندما یصبح هذا الشعور هو السائد فإنّ الفرد سیوظّف کل طاقاته لیمنع أتباع مذهبه من تغییر مذهبهم وذلک عن طریق مواجهة المذهب الآخر وسوء الظن به وخلق جوّ من الکراهیة تجاهه. فی النتیجة فإن رجل الدین الذی کان فی السابق یتحدث فی المسجد عن الأحکام ویقدّم النصائح الأخلاقیة فإنه سیخصص جمیع مواضیعه الیوم لنشر الکراهیة ضد المذهب الآخر کیلا یقوم شخص آخر لا سمح الله بتغییر مذهبه.

«تغییر المذهب» هو حدث یحصل عند الفرد لکن له آثار اجتماعیة کثیرة خاصة فی مجال التقارب والتباعد الدینی. لذلک ومن أجل المجتمعات التی ترید أن تخلق تقارباً بین أتباع المذاهب المختلفة فإن تغییر المذهب یعتبر قضیة أساسیة إذا لم یتم إیجاد حلّ لها فسیکون لها نتائج کارثیة تتحملها تلک المجتمعات.

حاولنا فی هذه السطور أن نتناول بشکل مختصر للغایة الآثار السلبیة لتغییر الأفراد مذهبهم فی المناطق السنّیة الشیعیة المشترکة.  

  1. ترکیز الأنشطة الدینیة على الصراع مع المذهب الآخر

عندما ینتقل الشخص من مذهب إلى مذهب آخر فإن علماء وأکابر المذهب یشعرون بخطر کبیر و خوف عظیم حول هویتهم  الدینیة وإذا لم یقفوا بقوة فی وجه ذلک فإنّ هویتهم ستتعرض للزوال. فالشعور الذی سیسود بینهم ویصبح أساس عملهم هو أنهم «جاؤوا لیأخذوا دیننا!».

عندما یصبح هذا الشعور هو السائد فإنّ الفرد سیوظّف کل طاقاته لیمنع أتباع مذهبه من تغییر مذهبهم وذلک عن طریق مواجهة المذهب الآخر وسوء الظن به وخلق جوّ من الکراهیة تجاهه. فی النتیجة فإن رجل الدین الذی کان فی السابق یتحدث فی المسجد عن الأحکام ویقدّم النصائح الأخلاقیة فإنه سیخصص جمیع مواضیعه الیوم لنشر الکراهیة ضد المذهب الآخر کیلا یقوم شخص آخر لا سمح الله بتغییر مذهبه.

ستکون نتیجة هذا التغییر فی النهج إیجاد کراهیة وشعور بالمواجهة بین اتباع المذاهب المختلفة الذین یعیشون مع بعضهم البعض فی منطقة مشترکة. وبالطبع لیس هناک حاجة للشرح أیة آثار کارثیة سیخلّفها خلق شعور المواجهة والکراهیة فی المناطق المشترکة بین الشیعة والسنة. فالآن ینظر الشخص إلى رفیقه القدیم أو جاره من المذهب الآخر بعین العداوة وأنه لا ینبغی أن یقترب منه أصلاً ناهیک عن إقامة العلاقات الأخویة الإجتماعیة!

وافتراض الکراهیة والعداوة تلک سیخلق الظروف للصراعات الدینیة.  

  1. إیجاد سوء ظن بالنسبة للطرف الآخر

الشخص الذی غیّر مذهبه سیتعرض بشکل طبیعی للتحقیر والطرد من قبل أبناء مذهبه السابق. وفی بعض الحالات تخلق عداوات دمویة. الشخص الذی غیّر مذهبه یتعرّض الآن لأقسى أنواع الضغوط لابدّ له أن یلجأ لأبناء مذهبه الجدید. ومن أجل تعزیز مکانته بین أبناء مذهبه الجدید سیظل یتحدث لدیهم عن الظلم الذی تعرّض له بسبب تغییر مذهبه حتى یدافعوا عنه بشکل أقوى.

هذا التعبیر عن المظلومیة- الصحیح أحیاناً والمبالغ به فی کثیر من الأحیان- یثیر بشدة مشاعر أبناء المذهب الجدید ضد أفراد المذهب الآخر. فالشیء الذی یتولد فی ذهن الشخص عن أتباع المذهب الآخر هو أنهم موجودات ظالمة جبانة ومجرمة وینبغی الوقوف فی وجه ظلمهم. وسوء الظن الشدید هذا بالنسبة للجار من المذهب الآخر یولّد الأرضیة لخلق الصراعات الدینیة.

  1. جرّ القضایا الخلافیة إلى الشارع

الشخص الذی یغیّر مذهبه یتعرض فی البدایة للضغط بین أفراد عائلته ومن ثم بین أصدقائه و أقربائه. فأبناء مذهبه السابق یعتقدون أن هذا الشخص قد اتّجه من الحق نحو الباطل، فیبذلون کل ما بوسعهم لإعادته إلى المذهب الذی یعتبرونه مذهب الحق. لذلک ومن أجل زعزعة العقیدة الجدیدة لدى الشخص یقومون بجمیع کافة الإشکالات الموجودة على هذا المذهب ویجلسون مع الشخص الذی غیّر مذهبه لبحثها و مناقشتها. بعض الذین غیّروا مذهبهم یتراجعون عن قرارهم أمام هذه الضغوط ویعودون إلى مذهبهم السابق.

 لکنّ احتمال العودة هذا سیؤدی على الضفة الأخرى لأن یقوم أتباع المذهب الجدید بحشد طاقاتهم کیلا یسمحوا للشخص بالعودة إلى مذهبه السابق. لذلک یبدأون بجمع الشبهات عن المذهب الآخر  ویضعون أمامه عدداً کبیراً من الکتب المناهضة للمذهب لآخر. الأمر الذی یحدث فی الحقیقة هو أنّ نزاعاً یحدث لیقوم أتباع کل مذهب بسحب الشخص الذی غیّر مذهبه نحوهم. فهؤلاء یسحبون من هذا الطرف والآخرون یسحبون من ذلک الطرف!

وفی النتیجة فإن المواضیع الخلافیة التی ینبغی أن تناقش فی الأوساط العلمیة ومن قبل العلماء نراها تصل إلى الأوساط العائلیة والودیّة. فالآن أصبح هاجس الجمیع العثور على الشبهات المتعلقة بالطرف الآخر و دراسة سبل قمع ذلک المذهب! وعندما تصل القضایا الخلافیة إلى العامّة فعلینا أن نتوقع ظهور تطرف شدید. فی مثل هذه الأجواء تتحول الحیاة السلمیة التی کان أتباع المذهبین یعیشونها إلى الآن إلى صراعات عقائدیة حیث تمتد لتصبح حرباً بسبب تدخّل العامّة.

 

ما الذی یجب فعله؟

من جهة من حق کل شخص أن یلتحق بالمذهب الذی یراه حق بعد أن یقوم ببحث و دراسة المذهب الآخر ومن جهة أخرى فإن تغییر المذهب فی الناطق المشترکة له آثار سلبیة کثیرة. ونظراً لهذه الأمور ما الذی ینبغی فعله؟

قد تکون أفضل طریقة انتقال الشخص الذی قام بتغییر مذهبه إلى منطقة تکون غلبیتها الساحقة من أتباع مذهب ذلک الشخص. أو أن یتم إشعار الشخص بالآثار السلبیة لتغییر مذهبه وأن یتجنّبوا بشدة التحدّث بهذا الأمر و تضخیمه.

کما قلنا فإن السعی لتغییر مذهب الآخرین هو أمر مثیر و مخالف للعیش المشترک ولکن إذا توصل الشخص بنفسه إلى تلک النتیجة فإن تلک الحلول یمکن اقتراحها.

 




المستعمل تعليقات