حمولة ...

  لا تدعوا للتقريب بين السنة والشيعة! ادعوا لتفعيل المشتركات؛ ليس المشتركات الاسلامية فقط؛ وإنما المشتركات الانسانية؛ فهي من الفطرة الأولى؛ المشتركات كافية جداً؛ وهي الهدف؛ كالصدق/ العدل/ العقل/ البر والتقوى/ النواحي الانسانية/ العقلية/ الحضارية ... الخ؛ أما المذاهب فلن تتقارب؛ لن يتقارب السنة والشيعة إلا نفاقاً.
لن يتقارب السنة والسنة (كالسلفية والأشاعرة؛ أو السلفية والصوفية) إلا نفاقاً؛ فلا داعي للنفاق.
من لا يعرف المذاهب من الداخل قد يظن أن السطحية هي الحل؛ كلا؛ العمق هو الحل؛ ولكن عمق في المشتركات القرآنية قبل العمق في التفصيلات المذهبية.
ليس المشكلة في أن هذا سني أو شيعي أو سلفي أو أشعري أو صوفي الخ؛
المشكلة أكبر من ذلك؛ أن هناك رفضاً واسعاً للالتزام بقواطع القرآن؛ كالصدق مثلا؛ لو تم تفعيل المشتركات فهل تظنون أن الأمر مستعصٍ لهذه الدرجة؟ في الاتفاق بين مذهب ومذهب؟
طبعاً لا؛ لكن بدون المشتركات يكون التقارب مستحيلاً؛ ليس لي تجربة مع المذاهب الأخرى؛ فلا أحب أن اظلمها؛ لكن لي تجربة مع الطرف السلفي لمدة ٣٠ عاماً؛ لم أجد من يقنعني بعلم؛ ومناظرة وصال مثال؛ نحن وهم لسنا أنبياء؛ لكني على المستوى الشخصي أطلب الحق ببراهينه فلا أجده؛ إنما أجد الخداع والتهريج والكذب والشتم الخ؛ وكلها أمور غير مقنعة.
إذاً؛ فالخلل في الحوار السني السني سيبقى هو الخلل في الحوار السني الشيعي؛ خاصة إذا تولى الغلاة زمام الحوار هنا وهناك؛ لا نتيجة مع نية كاذبة؛ لا بد من إحياء موضوع (الشهادة لله وحده)؛ فهذا المبدأ القرآني يجب تدريسه وإخراجه من سجنه حتى يصلح العقول والقلوب؛ الشهادة لله موضوع مهجور.
كنت قديماً أظن أن تقديم البرهان كافٍ في أن يؤمن الطرف الآخر بالفكرة؛ اكتشفت كم كنت ساذجاً؛ البرهان وحده لا يكفي؛ لابد من قلب سليم يؤمن به؛ الخلاف بين المذاهب هو أخلاقي أكثر منه علمي؛ أكثر ما نفتقده هو الأخلاق لا المعلومات.
اعيدوا الاخلاق للمسلمين يعترفوا بالبراهين بسلاسة؛  وحكمي هذا على الأقل فيما أعلمه من خلاف سني سني بأن المشكلة في الأخلاق لا في المعلومات؛ إذا نُزِعتْ الأخلاق ضاعت المعلومات وأهينت؛ حتى الذين يتحدثون عن آداب الحوار معظمهم كاذبون - عرفت بعضهم - ما أن تأتيهم ببرهان حتى يعودوا في سكرتهم الأولى؛ أزمة أخلاقية خانقة جداً!
اذا وجدتم من تثقون في صدقه وعدله وخلقه فادعوه إلى مناظرة علنية مع من يختلف معه في وسيلة إعلام محايدة؛ وستكتشفون الحقيقة المرة! كل الغلاة الذين ترونهم مجرد صوت فقط لجلب العامة؛ والشيطان يحب الضجة (واستفزز من استطعت منهم بصوتك)؛ وكيف يراعي النبأة من أصمته الصيحة؟! صحيح؛ أنك أول ما تراهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم؛ لكنهم عندما يحصل الجد لا يستطيعون الجواب على سؤال واحد بسيط؛ ألا تذكرون؟!
ألا تذكرون كيف كانت للدكتور إبراهيم الفارس صولة وجولة ؟! ثم عند الجد عجز في الجواب على واحد من هذه الأسئلة؟!

ألا تذكرون بعدها أني أعطيتهم مهلة ١٠ سنوات للإجابة عليها؟! هل وجدتم إجابة من ذلك الوقت حتى الآن؟
لا تغتروا بالكثرة؛ فأكثر الناس لا يعقلون؛ وأذكر قبل عشرين سنة أني اعطيت د سليمان العودة مهلة عشر سنوات ليأتي برواية عن دور ابن سبأ في الفتنة من غير طريق سيف بن عمر؛ ومازال عاجزاً.
الخلاصة: بلاؤنا في قلوبنا وليس في المعلومات؛ نظفوا القلوب بالشهادة لله
وخشيته؛ ومراقبته؛ وترك العصبية الجاهلية المنتنة؛ عندها ستهتدون بسهولة
ولا نزكي أنفسنا؛ فقد يكون فينا بقايا مما نتهم به أهل العصبية الجاهلية؛ لكننا نسدد ونقارب ونستعد للرجوع عن أي خطأ؛ أما هم! فالله المستعان!
بقيت نصيحة أخيرة للعقلاء الصامتين؛ ليس بالضرورة أن تحكموا بين المختلفين؛ لكن من الواجب أن تسهموا في إعادة العقول والضمائر لأهلها..
هذه أمانة.

الشيخ حسن فرهان مالكي




المستعمل تعليقات