حمولة ...

يحاول مسلموا تنزانيا منذ سنوات إقامة محاكم قضائية إسلامية لكن بعد الثورة و بذريعة النظام القضائي الواحد لم يسمح بمثل هذا الأمر. مؤخراً بعد تهديد المسلمين بمقاطعة المشاركة في إحصائيات تعداد السكان (بسبب حذف خانة المذهب من الإحصائية) فإن الحكومة كانت مستعدة لتقديم ذلك الإمتياز للمسلمين( إقامة محاكم إسلامية للمسلمين). لقد عيّن المسلمون فقط الشيخ نياسي بعنوان قاضي القضاة لكن لم تقم أية محكمة إسلامية. في اجتماع شارك فيه ديبلوماسييوا الدول الإسلامية وعلماء تنزانيا التفت رئيس الوزراء اليهودي إلى الشيخ الهادي (شيخ علماء دار السلام) وقال: ما الذي حصل بجهازكم القضائي؟ فأجاب الشيخ الهادي: إننا مازلنا في أول الطريق ونحن لا نعلم طريقة إيجاد جهاز قضائي. فالتفت رئيس الوزراء وبالرغم من وجود ديبلوماسيين سعوديين وقطريين و.. إلى السفير الإيراني وقال له اذهب وتعلّم منهم بناء الجهاز القضائي الإسلامي. فلقد أقاموا نظاماً قضائياً إسلامياً منذ سنوات عديدة. بعد ذلك قام وفد من علماء تنزانيا بالسفر إلى إيران كما سافرت بعثة من العدلية الإيرانية إلى تنزانيا من أجل بناء جهاز قضائي إسلامي لتلك البلاد.

هذه الثقة والإعتماد لا يُشاهد فقط لدى طبقات الناس و الشخصيات السياسية، بل تحول ذلك الأمر إلى سنّة رائجة بين علماء أهل السنة أيضاً.

شيخ علماء دار السلام (الشيخ الهادي) الذي ذكرناه في القصة السابقة هو خريج جامعة الأزهر المصرية. له نفوذ خاص بين علماء أهل السنة ومنزلة خاصة بين سياسيي تنزانيا. الطريف أنه لم يشارك فقط في حركة عزاء الخوجيين في يوم تاسوعا و وقف في مقدمة الصف مع بقية علماء الشيعة والخوجة بل إنه يلطم مع المعزّين الخوجة أيضاً.

 

 

الشيخ عباس إمام جماعة أحد مساجد أهل السنة التي تقام فيها صلاة جمعة المنطقة الوسطى قد بدأ دراسته في العلوم الدينية في إحدى حوزات الشيعة العلمية (حوزة ولي العصر(عج) العلمية ويباز في كيباها) وهذا يظهر(أن القوى التي تربت في ويباز قد بلغت مستويات مؤثرة جيدة، ثم انتقل إلى إحدى حوزات أهل السنة العلمية في كينيا ثم شارك في دورة غير حضورية في حوزة قم العلمية (النجاح لأهل البيت عليهم السلام) وكان يبدو كسنّي متشيّع.  

لقد التقيته في يوم عاشوراء. عندما قلت له اليوم يوم عباس احتضنني بشوق خاص. كان يقول أن الشيعة والسنة هنا ليس بينهم أية حدود كما أننا نشارك جميعاً في صلاة بعضنا. هنا محبة أهل البيت سائدة. خلال الحديث تكلم أيضاً بكلام حاد عن الوهابية وداعش. قال لي تأكد أنهم عبارة عن فرقة اسرائيلية ولا علاقة لهم بالإسلام.

المركز العلمي لأهل السنة في شرق أفريقيا في كينيا. في تنزانيا هناك مركزين دينيين فعالين فقط من أجل أهل السنة؛ مركز مرتبط بالمملكة العربية السعودية والآخر تابع للأزهر المصري. العمل البارز لأزهر مصر هو تعليم القرآن وقراءته. في أيام شهر رمضان يحضرون قرّاءاً مصريين وأحياناً يرسلون قارئاً مصرياً لمدة عامين فيسكنون هناك و يقومون بتربية التلاميذ. لكن في الوقت نفسه فإن الطريف أنه في أيام رمضان عندما يأتي قاريء مصري للقيام بالمراسم فإنهم في البداية يعطون الدور للقاريء الإيراني وبعد ذلك للقاريء المصري وبقية الدول الأخرى.

كذلك المركز العلمي السعودي مع أن نفقاته يتم تأمينها من قبل السعودية إلا أن أساتذتهلديهم توجهات ضد الوهابية.

مع أن الشيخ طالب عضو هيئة كبار العلماء السعوديين إلا أنه يتخذ مواقف ضد السلفيين بشكل علني و حاد.

الشيخ سليمان كليميرو خريج جامعة أم القرى مكة من أساتذة هذا المركز و رئيس مجمع علماء تنزانيا. ليس لديه فقط توجهات ضد السلفية بل لديه أيضاً تمايل إلى الشيعة. في اليوم التالي لعاشوراء (حيث قلّ حجم أعمالنا) لبسوا ثياباً سوداء وجاؤوا لتقديمم العزاء لنا بأيام شهادة الإمام الحسين (ع) وأنصاره. عندما دخلنا نهض من مكانه وسلّم علينا بمنتهى التواضع والإحترام. قبل السؤال عن مكان دراسته قال: الشهادة ليس لها أية قيمة إذ يمكن لأي شخص أن يؤمّن لنفسه عدة شهادات لكن الشيء الهام هو الفكر والرؤية. أثناء الحديث معه كان يبدي رغبة شديدة بقراءة الكتب الشيعية.

حتى بين أهل السنة هناك علماء مثل الشيخ أبوصالح و الشيخ كميجه الذين هم ثوريون بالكامل ولهم بشكل فعّال مواقف ثورية مماثلة لمواقفنا ولديهم تحليلات مطابقة لما لدينا. الطريف أنّ مراسم يوم القدس كانت تُقام دون مشاركتنا المحسوسة بشكل متعمد من قبلهم. رجال الدين الشيعة لديهم بسهولة منبر و مدرسة لجمهور أهل السنة. قسم جيد من مساجد تنزانيا بدون إمام جماعة وخريجوا تلك المدارس الذين هم في الغالب من السنّة المتشيعون عادة هم إمام جماعة هذه المساجد. لذلك يوجد هناك طلاب شيعة وأئمة جماعة لتلك المساجد أو معينون كأئمة جماعة في مساجد أهل السنة. هذا الأمر أزال الفوارق والحدود بين الشيعة والسنة لدرجة أنه لا يمكن بسهولة التمييز بين السنّي والشيعي من طلاب العلوم الدينية. فمثلاً إمام جماعة الشيعة الذي هو إمام مسجد أهل السنة يحاول بالطبع أن يقيم الشعائر قدر المستطاع مثل أهل السنة. بالمناسبة بما ان أهل السنة في تنزانيا ليسوا سلفيين فإن مشتركاتهم في آداب الصلاة مماثلة لنا كثيراً. بعد فترة التبس الأمر علينا أيضاً أن هذا الطالب شيعي حقاً أم سنّي.

.




المستعمل تعليقات