حمولة ...

 

جثت زينب على ركبتيها على الرمال. وعيونها معلّقة في البعيد تحدّق بالسهل الملتهب تحت نور الشمس الحارقة والذي يعيد الحررة إلى السماء.كانت عباءتها مغبرّة والعرق يتساقط من جبينها. الدموع تترغرغ في عينيها. انحنت مثل الحسين(ع) وأخذت في يديها كمشة تراب، قرّبتها من وجهها و شمّتها. انسكب التراب الملتهب رويداً رويداً من بين أصابعها على الأرض. كانت تعلم أنهم اقتربوا كثيراً من اليوم الموعود. مسحت دمعة بطرف عباءتها ونهضت من مكانها. ابنة علي(ع) يجب أن تكون قوية وصابرة. أمامها طريق صعب .

رواية «شهيد العشق»، تأليف أحمد تورغوت، كاتب تركي من أهل السنة حيث صدر الكتاب عن دار كتابستان معرفت للنشر.

  هذا الكتاب سرد روائي عن حركة الإمام الحسين (ع) من المدينة إلى مكة ومن ثم إلى كربلاء.

   حاول مؤلف هذا الكتاب القيّم من خلال نظرة تمزج بين التصوّف الإسلامي، تاريخ الإسلام والظروف الإجتماعية لمرحلة إمامة الحسين(ع) أن يتناول دراسة واقعة كربلاء وانعكاساتها من وجهة نظر شهادة حيّة وجانب إنساني وعاطفي، وأن ينقل ذلك كله للقاريء.

في الحقيقة «شهيد العشق» هي رواية سرد قصصي للحركة الثورية للإمام الحسين (ع) وثورة عاشوراء الحسينية حيث يقوم الكاتب فيها وباستخدام الخيال بطريقة لا تضرّ بأصل التاريخ بإدخال الإمام الحسين(ع) في القصة بعنوان شخصية أساسية لروايته وبعد شرح حياته يتطرق لشرح أسباب وكيفية ثورة الإمام الحسين(ع).

هذا العمل هو واحد من ثلاثية تورغوت حول ثورة الإمام الحسين(ع) مترجم إلى اللغة الفارسية كما أن ترجمته إلى اللغات العربية والآذرية قيد الإنجاز. من المفترض أيضاً أن يتم ترجمة عملين آخرين لهذا الكاتب في إيران وإصدارهما من قبل دار كتابستان معرفت للنشر وطرحهما في سوق الكتاب؛ والكتابان هما «رسول العشق» يتمحور حول حياة سيدة كربلاء، السيدة زينب (س) و «سجده العشق» وهو يضم حياة الإمام زين العابدين (ع).

.
يقال أن هذا الكتاب تم تجديد طبعه في تركيا حوالي 16 مرة حيث تعرّف الكثيرون من أهل السنّة في تركيا على أهل البيت(ع) من خلال هذا الكتاب. في حال أنّ مؤلف هذا الكتاب قد تعرّض للإنتقاد كثيراً من قبل السلفيين في تركيا و خارج تلك الدولة بسبب تدوينه لذلك العمل، لكنه يقول: هؤلاء أشخاص محرومون من جمال أهل البيت كما أنهم مستاؤون من رواية تتعلق بكربلاء وهذا الأمر ليس مهماً بالنسبة لي وإن شاء الله ستكون السيدة الزهراء(س) شافعة لي.

بإمكان الراغبين الحصول على هذا الكتاب ترجمة اسماعيل بنديداريان بسعر 21500تومان من كافة المكتبات.

مقتطف من الكتاب

"جثت زينب على ركبتيها على الرمال. وعيونها معلّقة في البعيد تحدّق بالسهل الملتهب تحت نور الشمس الحارقة والذي كان يعيد الحررة إلى السماء.كانت عباءتها مغبرّة والعرق يتساقط من جبينها. الدموع تترغرغ في عينيها. انحنت مثل الحسين(ع) وأخذت في يديها كمشة تراب، قرّبتها من وجهها و شمّتها. انسكب التراب الملتهب رويداً رويداً من بين أصابعها على الأرض. كانت تعلم أنهم اقتربوا كثيراً من اليوم الموعود. مسحت دمعة بطرف عباءتها ونهضت من مكانها. ابنة علي(ع) يجب أن تكون قوية وصابرة. أمامها طريق صعب".

 
الكاتب يتحدث 
على الرغم من أننا سمعنا كثيراً عن محبة غير المسلمين للساحة المقدسة لثأر الله، إلا أننا نشهد هذه الأيام اختلاف بين الشيعة والسنة مع ظهور التيارات التكفيرية، لدرجة أنه أحياناً تصبح الحدود التاريخية المحددة و العقائد القلبية التي لها جذور عميقة منذ قرون في القلوب قد تحولت إلى سبب للإختلاف والتفرقة بين المسلمين. لقد حاولت المجموعات التكفيرية والوهابيون خلال السنوات الأخيرة من خلال بيان قضايا واهية إظهار ان البكاء على مصيبة أهل البيت(ع) هي بدعة في الدين افتعلها الشيعة في العالم الإسلامي وهم يثيرونها أيضاً، لكنّ صدور أعمال مثل «شهيد العشق» يظهر أن أهل السنّة من أيّ مذهب كان يحبّون العترة الطاهرة لرسول الله(ص) بدون الإلتفات للقيود والتقسيمات الملفّقة التي يدّعيها السعوديون والوهابيون والآخرون .

وأشار تورغوت في مراسم إزاحة الستار عن كتابه إلى قصة تعرّفه على حادثة كربلاء: كان عمري 6 سنوات عندما كان والدي يعمل في ألمانياً ولم أكن أعرف التركية بشكل كامل و متقن، وأتذكر أن الشيء الوحيد الذي كنت أعرفه في اللغة التركية هو كلمات الشتيمة. في أعوام الطفولة تلك نشب خلاف ذات يوم في الزقاق بين الأطفال حيث قام أحد طرفي النزاع بشتم الآخر مستخدماً عبارة يزيد. عندما سألت والدي عن معنى هذه الكلمة و حدّثني عن شخصية يزيد فهمت أن أفضل شتيمة في العالم  هي هذه الكلمة.

وتابع قائلاً: في تركيا هناك عادة حيث يصنعون نوعاً من الحلوى للنذر. وأنا كنت أعيش أيضاً في منطقة سنّية وكانت جدّتي تصنع تلك الحلوى في وقت محدد من العام. وعندما كنت أسألها لماذا تقومين بهذا العمل كانت تقول اليوم شهادة الحسين(ع) وهذه كانت المرة الأولى التي أسمع فيها من أهلي عن كربلاء وكلما كنت أكبر كان نصيبي من ذلك يزداد أكثر. كما أن أشياء كثيرة كانت تشغل بالي إلى أن كبرت عندها فهمت ن جميع المذاهب الإسلامية تنبع من مصدر واحد. إلى أن كبرت و ذهبت إلى الجامعة وتعرّفت أكثر على المذاهب و على طريق الإمام الحسين(ع).

وأضاف هذ الكاتب التركي: بعد أن أنهيت جامعتي قررت أن أكتب رواية حول محرم. أتذكر أنه في تلك الأيام تم تفجير حرم الإمام العسكري(ع) في سامراء. وعندما كرر مذيع الأخبار أنهم قاموا بتفجير حرم إمام الشيعة حزنت كثيراً لأنني كنت قد توصلت إلى قناعة وهي أنه إمام جميع المسلمين ولا يجب أن نفرّق في ذلك. كان شعوري وقتها أن التلفاز يقوم بخلق حالة من التفرقة ولا ينبغي أن يحصل ذلك. توصلت إلى نتيجة مفادها أنه يجب أن أكتب. في تلك الأيام كان عمري 36 عام وبعد 16 عام من ذلك الحادث كتبت رواية «شهيد العشق».  كان شعوري أن كل شخص في نهاية المطاف يجب ان يلتفت لإمامه وأحببت أن أكتب رواية لأتمكن من تقديمها لمحضر أهل البيت(ع).

وأضاف تورغوت: الكثيرون من أهل السنّة في تركيا بعد قراءتهم لهذه الرواية تعرّفوا على حقيقة حياة الإمام الحسين(ع) وّ دَعوا لي كثيراً، لذلك أعتقد أنني إذا استطعت الوقوف بثواب هذا الكتاب أمام الرسول(ص) فسأشكر الله.

وكذلك قال: عندما أمسكت بالقلم لكتابة هذه الرواية شعرت بشجاعة نابعة من المشاعر وليس من العلم. لكتابة هذه الرواية قمت في البداية بالرجوع إلى مصادر أهل السنة. بعد ذلك راجعت كتب العلويين في تركيا ورأيت أنها مجرد مراثي لا تفي بالغرض. وفي النتيجة طلبت مصادر من الشيعة في تركيا حيث وضعوا بين يدي 20 كتاب في هذا المجال. مع مطالعة تلك الكتب أصبح الموضوع بين يديّ.

ويتابع تورغوت: برأيي يجب التفكير بهذه الطريقة وهي أن كربلاء لم تكن مؤلمة للشيعة فقط وأهل البيت(ع) لا يختصون بالشيعة فقط، بل كل شخص يقول أنا مسلم و يعتبر نفسه تابعاً لرسول الله ويؤمن بالقرآن ينبغي عليه أن يتحلى بمحبة أهل البيت(ع) وهذه النقطة مشتركة لدى جميع المسلمين وبناءاً على تلك المشتركات يجب أن نبني المستقبل.

  كما تحدث تورغت في مراسم توقيع كتابه قائلاً أنه لم يمتلك القدرة على وصف مشهد عاشوراء وأنه توسل بالسيدة الزهراء(س) من أجل إتمام ذلك العمل. يقول أنه بدأ الكتاب بذكر جلال الحسين(ع) و ختمه بذكر جماله عليه السلام.

قراءة نقدية للكتاب

في ندوة افتراضية تمت قرءة نقدية لكتاب«شهيد العشق».

قال محمد حقي ممثل دار كتابستان معرفت للنشر: في هذا الكتاب  يصوّر تورغوت  للقاريء كيفية حركة الإمام وقافلته نحو مكة  و الأجواء السائدة على تلك المدينة، وباستخدام الآيات والأحاديث يساعد على شرح فلسفة حركة الحسين(ع) وعدم إكمال الحج. ففي مكة يستعرض شرحاً موجزاً عن تلك الفترة من خلال شرح مناظرة الإمام مع عتبة وعرض ذكريات عن رسول الله، ثم يقدّم  للقاريء رواية عن علي(ع) حول السبب في طرح أسئلة تكونت لدى لهاشميين كالحسن المثنى و القاسم.

وتابع حقي قائلاً: من ميزات هذه الرواية استعمال آيات القرآن والتوغّل في طبقات متعددة من الآيات والحق أنّ المهتمون بمدرسة الإمام الصادق(ع) يشعرون أحياناً بالإعجاب والروعة وكم هو جميل أن يقوم شخص من مذهب آخر و عقيدة أخرى بكتابة رواية عن إمام الشهداء.

وتحدث مصطفى وثوق كيا مدير قسم الكتاب والأدب في وكالة فارس للأنباء حول كتاب «شهيد العشق» فقال: رواية الكاتب التركي شهيد العشق هي عمل حول النهضة الحسينية. إنه لرائع و جدير بالثناء أن يقوم كاتب سنّي المذهب بكتابة مثل هكذا رواية حول حركة الإمام الحسين(ع) وأهداف ثورته. وأشار في قسم آخر من حديثه إلى أن شهيد العشق ليست رواية بل هي أقرب ما تكون نظرة وثائقية للحركة الحسينية موضحاً: الشاهد على ذلك أن الكاتب قد التزم باستخدام كلمات الإمام الحسين(ع) بشكل كامل في عمله. كما أنّ قراءة ذلك الكتاب له سرور خاص حيث يضع أمام القاريء صورة حيّة عن مرافقة قافلة الإمام. إن المائة صفحة الخيرة من الكتاب مليئة بالأوصاف التي تضع مشهد كربلاء بشكل مباشر أمام المشاهدين.

 وأشار عليرضا ملوندي المدير الثقافي لوكالة نسيم الإخبارية إلى عدة موارد فقال: شاهدت في بعض وسائل الإعلام أن البعض قد قام بمهاجمة ذلك الكتاب معتبرين أنه مروّج لعقيدة أهل السنة؛ أعتقد أن هذا النقد غير جائز. على الرغم من أنه يجب التدقيق في الأعمال الفنية كيلا يتم تقديم معلومات خاطئة للمخاطبين إلّا أنه يجب أخذ هذ النقطة بعين الإعتبار هي أن كتاب «شهيد العشق» يجب أن يتعرض بشكل أقل للجرح والتعديل من الناحية الروائية لأنه عرض محبة من قبل سنّي حنفي للإمام(ع) ولا يمكن أن نتوقع أن نقرأ رواية شيعية مائة بالمائة. كما أنه فيما يخص أجزاء الأحداث التاريخية المختلفة فإنه من الصعب أن نعثر حتى في الشيعة على إجماع حولها.

وقال: أظنّ أنه ينبغي على المؤسسات الثقافية في الجمهورية الإسلامية و كل من لديه مسؤولية في أمر تصدير الثورة الإسلامية وتعريف العالم بحقائق دين محمد أن يقوموا بترجمة هذا الكتاب إلى لغات مختلفة وإيصاله إلى يد الغالبية التي تعرض لقمع فكري شدبد.



المصادر:
1. الموقع الألكتروني لجامعة المذاهب الإسلامية. 

2.الموقع الإلكتروي    انتشارات كتابستان معرفت

3. الموقع الإلكتروني الأخباري جوان أونلاين 

4. الموقع الإلكتروني لوكالة فارس للأنباء

5. لموقع الإلكتروني لوكالة مهر للأنباء




المستعمل تعليقات