حمولة ...

 

 

إشارة: من الأقسام التي تمّ أخذها بعين الإعتبار في مجلة أخوة الإلكترونية طرح سؤال أو قضية وتقديم أجوبة مختلفة من أشخاص مختلفين بوجهات نظر مختلفة. سؤالنا هذه المرة ما هي استراتيجيات تعزيز فكر الوحدة في الحوزات العلمية. يجيبنا حجة الإسلام محمدآبادي على هذا السؤال كما يلي:

 «لُعِنَ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ بَني‏ إِسْرائيلَ عَلى‏ لِسانِ داوُدَ وَ عيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ۞ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ» (النساء/78 و 79) 
«صنفان من النّاس إذا صلحا صلح النّاس و إذا فسدا فسد النّاس؛ العلماء و الامراء.» (نهج الفصاحة، حديث 1853) 
إذا رفعنا رأسنا قليلاً وألقينا نظرة على الماضي وحال الأمة الإسلامية فإننا سنرى أن موضوع الوحدة الإسلامية لم يكن مهماً في أية فترة زمنية كما هو الآن؛ لأنه بعد انهيار الأمبراطورية العثمانية العظيمة والمرور بحالات متقلّبة مختلفة، نرى اليوم أنّ نسيم «الصحوة الإسلامية» المنعش عاد ليهبّ ثانية وفي حال استمرّ ذلك فإن الأمل في أن يتحول إلى عاصفة تدمّر  البيت الواهي للحضارة المادية الغربية.  وسيؤدي إلى تشكيل الحضارة الإسلامية الحديثة؛ وإذا لم نستفد من ذلك بشكل صحيح فليس معروفاً إلى كم من السنين  الأخرى سنحتاج لنتمكن ثانية من تحقيق هذا الهدف؟! ولهذا السبب فقد وصف قائد الثورة المرحلة الأخيرة بعنوان «منعطف تاريخي». لكن وبناءاً على الشواهد العقلية والنقلية لا توجد فئة أكثر من «العلماء» مسؤولة عن تطورات المجتمعات؛ السؤال المهم هو: «ما الذي يجب فعله من أجل نشر الفكر الوحدوي والتقريبي بين الطلاب و رجال الدين والحوزات العلمية؟»

 

حاولنا في هذا المقال من خلال ذكر عدة حلول أن نقدّم الإجابة على هذا السؤال ولو جواباً غير مكتمل:
1.إقامة ندوات فكرية مستمرة في الحوزات العلمية في المحافظات بمواضيع «  دراسة الجوانب التاريخية و دور وحدة المسلمين في ذلك »، «تاريخ التعايش الودي بين الشيعة والسنّة»، «دور الإستكبار العالمي في إثارة التفرقة والشقاق بين المسلمين» و...؛ فإذا أقيمت و تقام مؤتمرات وطنية و دولية بموضوع الوحدة الإسلامية، لكن بما أن المجتمع ومن بينه الطلاب و رجال الدين غير متواجدين في تلك الندوات بشكل كافي، لذلك فإن تشكيل مثل تلك اللقاءات تبدو ضرورية على المستوى الجزئي.

  قد يبدو في بداية الأمر أنّ «الوحدة» ومفاهيمها الرئيسية هي جزء من البديهيات وليس هناك حاجة لشرحها، لكن بنظرة أكثر دقة سنعرف أن تصوّر عامة أفراد المجتمع عن هذه المفاهيم هو تصوّر مجمل لدرجة أنه مع أقل التباس و اقل ضربة ستذهب هباءاً بل سيحصل التصديق بالمفاهيم المعاكسة لها. لذلك فإن الفائدة الأخرى لإقامة هذه المحافل هي أنه مع تقديم تصوّر دقيق و متأنّي للظروف التاريخية وظروف الأمة الإسلامية اليوم سيؤمّن الأرضية للتصديق بالمفاهيم المذكورة دون أي تردّد.

2.تأمين خلفية لتواجد الطلاب ورجال الدين الشيعة مباشرة في مساجد وأوساط أهل السنة؛ قد تتفق أنت والكاتب أيضاً بأنّ معظم التعكر الموجود في قلوب بعض الشيعة من أهل السنة ناتج عن بعض التصورات الخاطئة والأوهام الناتجة بشكل بحت عن الشائعات والتلفيقات الإعلامية المعاندة وليست ناتجة عن المشاهدات والتعامل المباشر.   لذلك إذا عادت الفرصة ثانية للتعامل المباشر بين الحوزات الشيعية وأوساط أهل السنة فهناك أمل في أن يحصل الطرفين على معرفة دقيقة لبعضهم وتتزايد فرص وجود أرضية للوحدة بالإستناد على مشتركات الفريقين. على الرغم أن هذا الأمر كان موجوداَ في السابق ومنذ سنوات طويلة وهذا التعايش الأخوي موجود في مختلف أرجاء البلاد و جميع البلدان الإسلامية، إلا أن إيجاد تلك الخلفية هو أمر ضروري للأشخاص الذين لم يجربوا مثل تلك الفرصة. وبالطبع هذا نفس ما طلبه الإمام جعفر الصادق عليه السلام: «عُودُوا مَرْضَاهُمْ وَ اشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ‏ وَ اشْهَدُوا لَهُمْ وَ عَلَيْهِمْ وَ صَلُّوا مَعَهُمْ فِي مَسَاجِدِهِم‏» (المحاسن، ج1، ص118) 
3.دعوة علماء أهل السنة للمشاركة في الأوساط الحوزوية والحوار الودي حول القضايا والمسائل المشتركة لدى التشيع و التسنن في العالم المعاصر.

4.دعوة علماء أهل السنة للقيام بمراسم مشتركة مع الحوزات الشيعية وتواجدهم رويداً رويداً في أوساط الشيعة العامة حول أيام الله والمناسبات الوطنية والدينية التي تحظى باتفاق الطرفين؛ مثلاً «احتفالات أسبوع الوحدة»، «عشرة فجر الثورة» و«شهر رمضان المبارك» و «يوم القدس» و«معاداة اسرائيل والإستكبار العالمي» حيث يمكن الإستفادة منها من أجل تعزيز أسس قوة النظام الإسلامي المقدس.

5.إن تأمين أرضية لتعرّف الطلاب بشكل عام على عقائد مصلحي أهل السنة واقتداء علماء الشيعة المناضلين بهم مثل حسن البنا وسيد قطب و...، عن طريق دراسة وفحص آثارهم المكتوبة وعلى المدى الطويل إقامة مقاعد درسية «للفقه وأصول الكلام» المقارن؛ هذه الحركة تؤمن الخلفية للتعامل المبنائي والتقريب الأساسي. كما أن السلف الصالح قد اهتموا بهذا الأمر كثيراً.

6.إن إعادة دراسة تاريخ النشاطات التقريبية للسلف الصالح من الشهيد الأول والثاني حتى السيد جمال ونواب الصفوي وكذلك التأكيد على الجهاد المشترك لعلماء الشيعة والسنة ضد أعداء الإسلام في العصور الأخيرة.

حجة الإسلام مهدي محمد آبادي، طالب في حوزة مشهد العلمية

 




المستعمل تعليقات