حمولة ...

إن التهمة الموجهة إلى التقريبيين بأنّ ولاءهم ضعيف هي تهمة غير صحيحة. إننا ندافع عن هذه العقيدة في كل مكان وبرأس مرفوع لكن بمنتهى الإحترام. لكن النقطة المهمة هي إلى أي مدى يمكن الدفاع عن هذا الحق. ليس لدينا شخص شيعي أكثر من علي(ع). فهو نفسه كان يدافع عن الولاية حتى النقطة التي لا يتعرض معها مفهوم الأمة للخطر.

 

 

 

 

http://okhowah.iuuu.ir/file/5/attach201601123005564614851.jpg

 حجة الإسلام الدكتور محسن الويري

في عهد أمير المؤمنين «ع» أول وأهم موضوع هو قصة الخلافة والسقيفة. لدى علي(ع) عبارات في تحليل السبب الذي جعله يصمت تجاه واقعة السقيفة. اعتقادنا  بأن الخلافة تليق بهذا الشخص يعني علي(ع) كما أن الرسول(ص) قد عيّنه أيضاً لن يتغيّر.  إن التهمة الموجهة إلى التقريبيين بأنّ ولاءهم ضعيف هي تهمة غير صحيحة. إننا ندافع عن هذه العقيدة في كل مكان وبرأس مرفوع لكن بمنتهى الإحترام. لكن النقطة المهمة هي إلى أي مدى يمكن الدفاع عن هذا الحق. ليس لدينا شخص شيعي أكثر من علي(ع). فهو نفسه كان يدافع عن الولاية حتى النقطة التي لا يتعرض معها مفهوم الأمة للخطر. فمفهوم الأمة حاكم على مفهوم «الدفاع عن الولاية» والدفاع عن أحقية خلافة الرسول(ص) (وليس الولاية نفسها). كما أنّ هذا الشيء الهام له حدود أيضاً: «وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ لَا مَخَافَتِي الْفُرْقَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَ أَنْ يَعُودَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى الْكُفْرِ وَ يُعَوَّرَالدِّينُ لَكُنَّا قَدْ غَيَّرْنَا ذَلِكَ مَا اسْتَطَعْنَا» (الارشاد، ج 1، ص 246). يعني الخوف من التفرقة هو خط أحمر بحيث يحدد الدفاع عن الولاية. إذا حصلت التفرقة فلا يمكن الدفاع عن الولاية أيضاً.

لدينا في رسائل الأئمة(ع)، ج1، ص286: في مراسلة علي(ع) مع معاوية حيث يقول له لقد جاءني يوم السقيفة ليبايعني. أنا كنت من رفض. هذه المزاعم التي تدّعيها حتى أباك لم يكن يقلها:

وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَ ضَرَبْتُ أَنْفَهُ وَ عَيْنَيْهِ فَلَمْ أَرَ دَفْعَهُمْ إِلَيْكَ وَ لَا إِلَى غَيْرِكَ وَ لَعَمْرِي لَئِنْ لَمْ تَنْزِعِ عَنْ غَيِّكَ وَ شِقَاقِكَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ عَنْ قَلِيلٍ يَطْلُبُونَكَ وَ لَا يُكَلِّفُونَكَ أَنْ تَطْلُبَهُمْ فِي بَرٍّ وَ لَا بَحْرٍ وَ لَا جَبَلٍ وَ لَا سَهْلٍ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ أَتَانِي حِينَ وَلَّى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَنْتَ أَحَقُّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ص بِهَذَا الْأَمْرِ وَ أَنَا زَعِيمٌ لَكَ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ خَالَفَ عَلَيْكَ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَلَمْ أَفْعَلْ وَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَ أَرَادَهُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّذِي أَبَيْتُ لِقُرْبِ عَهْدِ النَّاسِ بِالْكُفْرِ مَخَافَةَ الْفُرْقَةِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَأَبُوكَ كَانَ أَعْرَفَ بِحَقِّي مِنْكَ فَإِنْ تَعْرِفْ مِنْ حَقِّي مَا كَانَ يَعْرِفُ أَبُوكَ تُصِبْ رُشْدَكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكَ وَ السَّلَامُ. (وقعة صفين، النص، ص: 91)

وحول سبب الرفض يذكر علي(ع) سببين: الخوف من التفرقة، جرّ الإسلام إلى الكفر. بالطبع هذا الخوف لم يكن عن عبث. كان خوفاً حقيقياً. فالخوف العقلاني من التشرذم يجعلنا نسكت عن حقّنا. ليس لدينا شيعي أكثر من علي(ع). إن لمفهوم الأمة أهمية لدرجة أنه لم يدافع عن حقه في الخلافة لهذا السبب. لذلك فإن حماية الأمة التي هي تراث النبي(ص) مهم للغاية لدرجة أنه لا معنى لبقية الأمور السياسية والإجتماعية في ظله. بعد الإمام علي(ع) سنقوم بدراسة السيدة الزهراء(س). قد يظن البعض أنها لم تسر على هذا النهج وأنها عملت عكس ذلك. لكن هذا غير صحيح. فكلّ من موقعه دافع عن الولاية إلى أن بلغ حد التفرقة بين الأمة. إذا لم يخلق الشخص في دفاعه التفرقة فينبغي عليه الدفاع. يجب أن لا نسمح على الأقل أن يبقى هذا الحق مكتوم. نحن الآن أيضاً نقول أنه يجب أن تستمر كتباً من الناحية العلمية في إثبات التشيع مثل كتاب «الغدير»، في البحث العلمي يجب أن يبقى هذا المصباح مضاءاً كيلا يبق الحق مكتوماً. لدينا الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن لعنة كاتم الحق. إن كتمان الحق هو شيء غير التقريب. هذه الحدود يتم الخلط بينها في كثير من الأوقات. فمفهوم التقريب ليس معناه الإنسحاب من أساس الولاية والإمامة. بل إنه يجب أن نبيّن و نبلغ المفهوم الصحيح للولاية والإمامة بشكل صحيح.

إن دور السيدة الزهراء(س) لم يكن دوراً تباعدياً ولم تكن أبداً تعارض الوحدة. و أكثر من هذا لو أنها ذهبت أبعد من ذلك لاصطدمت الحدود ببعضها. ولكن علي(ع) والزهراء(س) كان لهما دوراً مكمّلاً لبعضهما بحيث لا ينطفيء مصباح الحق ولا تحصل التفرقة في الأمة.

وحول صلح الإمام الحسن(ع) هناك كلام مختلف. إنني لا أرفض الكلام الآخر، «حقناً لدماء شيعتنا» هو أمر صحيح أيضاً وهو السبب في الصلح. ولكن يجب أن لا ننسى هذه النقطة وهي أن أحد أسباب الصلح هي حماية الأمة.

«وَ قَدْ رُوِيَ أَنَّهُ ع لَمَّا طَالَبَهُ مُعَاوِيَةُ بِأَنْ يَتَكَلَّمَ عَلَى النَّاسِ وَ يُعَلِّمَهُمْ مَا عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ. قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَكْيَسَ الْكَيْسِ التُّقَى وَ أَحْمَقَ الْحُمْقِ الْفُجُورُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَوْ طَلَبْتُمْ بَيْنَ جَابَلَقَ وَ جَابَرَسَ رَجُلًا جَدُّهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا وَجَدْتُمُوهُ غَيْرِي وَ غَيْرَ أَخِي الْحُسَيْنِ وَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ هَدَاكُمْ بِأَوْلِيَاءِ مُحَمَّدٍ ص وَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ نَازَعَنِي حَقّاً هُوَ لِي (في الأساس لا أحد منا يشك بهذا الحق، إننا لن نتراجع عن أصل هذا الكلام أبداً بشكل عملي وبطريقة مؤدبة)   فَتَرَكْتُهُ لِصَلَاحِ الْأُمَّةِ وَ حَقْنِ دِمَائِهَا وَ قَدْ بَايَعْتُمُونِي عَلَى أَنْ تُسَالِمُوا مَنْ سَالَمْتُ فَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أُسَالِمَهُ وَ رَأَيْتُ أَنَّ مَا حَقَنَ الدِّمَاءَ خَيْرٌ مِمَّا سَفَكَهَا وَ أَرَدْتُ صَلَاحَكُمْ»

يعني صلاح الأمة كان السبب في التسامح بحق كان حقيقة للإمام الحسن(ع). بهذا الصلح تم إنقاذ الأمة ثانية من التفرقة لتصل مرحلة الإنسجام. هذه الأمة لم تكن مفهوماً أوجده معاوية أو أوجده الناس. هذا التقارب وهذه الكلمة في الأساس كانت مفهوماً قرآنياً ودينياً. فالإمام الحسن(ع) بسبب أهميت الأهم يعني مفهوم «الأمة» يتسامح عن المهم.

 

 




المستعمل تعليقات