حمولة ...

الطريف هنا أنّ الشيعة في تلك المرحلة كان مسموح لهم أن يقيموا مراسم عزاء شهداء كربلاء(ع) في العشرة الأولى من محرم في اسطنبول في «خان والده» الذي يعد أكبر نُزُل في اسطنبول. المراسم التي منعها نادر شاه أفشار ذات يوم في سياق مشروع وحدته. كانت تلك المراسم تقام بشكل واسع وحتى أنها كانت تشمل مراسم التطبير.

 

 

الدكتور محمد حسين أمير أردوش

 

دعم عبد الحميد الثاني سنن التسامح الديني في الأمبراطورية العثمانية وأكبر مثال على ذلك الإستقلال القضائي لأتباع المذاهب المختلفة؛ كان العثمانيون يختارون القضاة من بين القضاة الحنفيين. ولكن في المكان الذي يكون فيه الفقهاء أتباع مدرسة شرعية أخرى فإنّه يتم اختيار القضاة منهم.  لقد كان العثمانيون يراعون هذه القاعدة في المناطق التي يكون شعبها شيعة أو دروز.

لا شك أنّ التسامح والتفاهم الديني في كان في عداد استراتيجيات اتّحاد الإسلام من أجل الوصول إلى الوحدة الإسلامية، والسلطان عبد الحميد الثاني الذي اتّبع سياسة دينية كانت مفيدة ومؤثرة أكثر بكثير من سياسة العنف والتفرّد الديني و المذهب الواحد التي كان يتّبعها بعض أسلافه مثل ياووز سليم في جلب ثقة المواطنين المسلمين في الأمبراطورية و وفاءهم للخليفة .

لقد أمّن السلطان الأرضية لترقّي أتباع الأمبراطورية الشيعة في الأجهزة الحكومية. حصل العديد من الشيعة على مناصب حكومية عالية. بلغ العديد من الشيعة مناصب حكومية رفيعة. ومن بين ذلك حسين رضا باشا (المتوفي 1333ه.ق / 1914م) من أصدقاء السيد جمال الدين الذي وصل إلى رئاسة إدارة الهجرة و وصل إلى وزارة العدل و «كان يظهر تشيّعه علناً في كل مكان». و رضا باشا (المتوفي 1402 ه.ق / 1894م.) الذي كان عضو لجنة المهاجرين أيضاً، حيث أصبح سفير الأمبراطورية في أتينا وظهران و بطرسبرغ وأصبح مرتين رئيساً لبلدية اسطنبول.

في ظل سياسة التوافق الإسلامي الذي خلقته حركة الإتحاد الإسلامي سمحت دائرة الرقابة القوية على النشر والتي أوجدها السلطان عبد الحميد الثاني بطباعة كتاب «ينابيع المودة» للشيخ سليمان بلخ القندوزي « من المحدثين الأفاضل حيث كان شيعياً شديد العقيدة» حيث تم طبعه مرات عديدة في اسطنبول. يتحدث هذا الكتاب عن فضائل ومناقل أهل البيت(ع) وأئمة الشيعة (ع) بناءاً على كتب الحديث لدى أهل السنة و «في إثبات حقيقة وأحقية مذهب التشيع بدلالة الآيات والأحاديث والرواية».

  لقد هاجر مؤلفنا المذكور مع ابنه السيد برهان الدين البلخي (عضو جمعية الإتحاد الإسلامي) إلى اسطنبول وكان الإثنان بمثابة أصدقاء للسيد.

الطريف هنا أنّ الشيعة في تلك المرحلة كان مسموح لهم أن يقيموا مراسم عزاء شهداء كربلاء(ع) في العشرة الأولى من محرم في اسطنبول في «خان والده» الذي يعد أكبر نُزُل في اسطنبول. المراسم التي منعها نادر شاه أفشار ذات يوم في سياق مشروع  وحدته. كانت تلك المراسم تقام بشكل واسع وحتى أنها كانت تشمل مراسم التطبير. كما أن لقاء شيخ إسلام اسطنبول واجتماعه الودي مع مرجع التقليد الشيعي الأخوند ملا محمد كاظم خراساني في مجلس تدريسه في النجف هو مثال آخر على ثقافة التوافق الجديدة التي حاولت حركة الإتحاد الإسلامي تحويلها إلى ثقافة سائدة في العالم الإسلامي.

 

 

 




المستعمل تعليقات