حمولة ...

فعداوة الأعداء لأي سبب كان لا يبرر ظلمهم وعدم إنصافهم .ومن يتنكر لهذا المفهوم الإسلامي لا يعدو أن يكون بعيداً عن أخلاق الإسلام وسيرة أهل البيت عليهم السلام .

 

 

 

آية الله الشيخ حسين الراضي

 

 

لقد أمر الله في القرآن بالعدل والإحسان وأداء حقوق ذوي القربى. نظراً لهذه الآية فإننا نريد أن نتحدث عن العدل. لقد تم تفسير العدل في بعض النصوص على أنه مساو للإنصاف.

الإنصاف يعني أن تعطي من نفسك ما يستحق من الحق كما تأخذه. لقد حاول البشر جميعا وحتى الحكّام والمسؤولون أن بستخدموا كلمة الإنصاف من أجل تحقيق أهدافهم.

نريد أن نثبت ان الإنصاف والعدل يقضيان على العداوة والخصومة. تماماً كما كان أئمتنا في العدل والإنصاف ينظرون للعدو والصديق بشكل مساوي.

إن أهل البيت عليهم السلام لم يأتوا بشيء جديد خارج عن الإسلام بل كل ما جاؤوا به أن عرضوا الإسلام ومثلوه وأبرزوا مفاهيمه بكل صدق وأمانة وطبقوها على أنفسهم قبل أن يأمروا غيرهم بها.

كما أن الإمام الرضا عليه السلام قد عامل أعدائه وخصومه وظالميه والذين لاقى منهم المصائب والويلات وأنواع العذاب بالعدل والإنصاف لدرجة أن العدو أيضاً قد اعترف بهذا الأمر .

فعداوة الأعداء لأي سبب كان لا يبرر ظلمهم وعدم إنصافهم .ومن يتنكر لهذا المفهوم الإسلامي لا يعدو أن يكون بعيداً عن أخلاق الإسلام وسيرة أهل البيت عليهم السلام .

إن غاية هذه المفاهيم لا تتعارض مع الجهاد والإستعداد بكامل القوة لمواجهة العدو، فكل له مجاله وموضوعه الخاص به ففي الجانب الخلقي ففي الأعلى والقمة منه وإذا أحد اعتدى عليه وأراد أن يحاربه ويحتل بلاد المسلمين ويخرب عقائدهم ويستعمرهم فهو يقف ضدهم ويدافع عن الإسلام والمسلمين بكل قوة .

وفي مقام المجتمع وتربيته حثّ أهل البيت على الإنصاف وأنه في مقدم الفضائل العالية بل وأفضلها.

يوضح لنا الإمام الرضا عليه السلام منهجه في الإنصاف مع أعدائه. ففي حديث صحيح تقدّم أن الإمام الرضا عليه السلام : قال لأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أحد أصحابه الثقات المعتمدين في حديث طويل جاء في ضمنه :

( وَ إِيَّاكَ وَ مُكَاشَفَةَ النَّاسِ .فَإِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ : نَصِلُ مَنْ قَطَعَنَا وَ نُحْسِنُ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا فَنَرَى وَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْعَاقِبَةَ الْحَسَنَةَ ) .

ينبّه الإمام على أمرين مهمين :

الأمر الأول : إلى عدم كشف عيوب الآخرين وإن كنت تختلف معهم في الفكر والرأي ويصبح لك خصماً .

الأمر الثاني : إنصاف العدو . إن إنصاف الأعداء والإحسان إليهم في الحقيقة يعود بالنفع على فاعله وعلى الجهة التي ينتمي إليها والإمام يؤكد :

إن من سمات المؤمنين هو إنصافهم لأعدائهم كما عن - الإمام علي عليه السلام : ( المؤمن ينصف من لا ينصفه ).

وقال محمود الوراق في الإحسان والإنصاف للعدو حتى يصل إلى مرحلة التعطف عليه وأن يرحمه لظلمه.

قال له رجل منهم : إني مررت بآل فلان و هم يشتمونك شتماً رحمتك منه.  قال أ فسمعتني أقول إلا خيرا؟

قال : لا .   قال : إياهم فارحم.

حقيقة الإنصاف أن تعطي الناس ما تحب أن تعطاه.

     

فوائد الإنصاف

1.دوام النعمة .

ونعم الله على عباده كثيرة لا تحصى ويجب على الإنسان أن يحافظ عليها ودوامها ومن دوام النعم استعمال العدل والإنصاف.

2.استدامة المحبة .

3- تآلف القلوب .

4- رفع الخلاف .

5- راحة للمجتمع .

6- زينة المجتمع .

7- التواصل في المجتمع .

8- الشهادة بعدل المنصف.

9- كثرة الأودّاء والأولياء.

10- ينمي القدرة في المجتمع 

إن أي مجتمع من المجتمعات هو بأمس الحاجة لهذه المعطيات الجليلة العظيمة ولا غنى له عنها بل لا يستقيم له عيش رغيد وحياة هادئة منعمة إلا بها.

 

 




المستعمل تعليقات