حمولة ...

برأي الميرزا كمرئي فإن الوحدة ممكنة بناءاً على التأسّي بتقارير التاريخ الإسلامي. هذا النمط سيلقى ترحيباً عاماً بسبب الإتقان في الوثائق و الإستشهادات. لأنه ليس نموذجاً خيالياص بل هو نموذج حقيقي و ملموس. رغم أنه قد تعرّض في سبيل تقديم نمطه هذا إلى انتقادات المحافظين التاريخية إلّا أنه قد استفاد بشكل جيد من قوة اجتهاده.

 

 

 

غلامرضا جعفري

 الحل الفوري لدى آية الله ميرزا خليل كمرئي من أجل الوصول إلى الوحدة هو الإستفادة من القوة السياسية ( للحكّام المسلمين) والقوة المعنوية (للعلماء والفقهاء) من أجل إزالة الإختلافات والأوهام (1)

ويعتبر أنّ سبيل التفاهم هو أن يقوم الفقهاء بالتجوّل في البلدان الإسلامية و زيارة بعضهم البعض. ( 2) فهو يقترح تبادل الطلاب في دروس الفقه من أجل حل الإختلافات المذهبية. (3) هذا الأمر سيسبب من وجهة نظره التقليل من  الكراهية والخوف من بعضهم البعض ويعتبر أن الفقه الإسلامي في جميع المذاهب مقتبس من الكتاب والسنة.

إنّ نموذج كمرئي في الوحدة الإسلامية مأخوذ من عناصر الوحدة في الفكر الإسلامي أعم من مواضيع التوحيد والنبوة و المعاد والمناسك والشعائر مثل الحج والقبلة والأذان و العودة إلى تاريخ الإسلام وإحياء مؤشرات الوحدة في صدر الإسلام والعهد النبوي.

كما أنه يعتقد أنّ العودة إلى التاريخ سيمنع المسلمين من الإفراط والتفريط وفي مثل هذه الظروف ستتشكل الوحدة.

ففي نموذجه تم اعتبار العالم الإسلامي على أنه حقيقة متجانسة. في هذه الحالة فإن الإختلافات تعتبر أمر طبيعي، كما يعتبر أنّ عوامل التفرقة ناتجة عن هجوم القوة السياسية الأجنبية وَ سوء الإدارة لدى الأنظمة السياسية والثقافية المحلية.

فمن وجهة نظره يجب البحث عن جذور الكرامة الإسلامية في الحج و القبلة. هذان الأمران من النعم الإلهية الكبرى في التجمّع الكبير للأمة الإسلامية. فالمسلمون يعدّون أنفسهم كل عام من أجل الدخول في جيش الحج والقبلة. ويلتحقون بجيش محمد (ص) وتحت أمره، ويظهرون تعاليمه في سبيل الأمن بأجمل صوره للعالم أجمع. ( 4) لذلك فإن النيابة في استقبال القبلة غير مقبول مادام الإنسان المكلّف على قيد الحياة حيث يجب على الشخص نفسه القيام بتلك المهمة.

 مكة والمدينة قلب الحياة الإسلامية و وحدة المسلمين لذلك يقترح أن يتم تركيب علامات و لوحات لهاتين المدينتين في جميع المراكز التاريخية لتذكّر المسلمين بالماضي. فعندما لا يتم نصب تلك العلامات فإنّ زائري الأراضي المختلفة سيجدون أن صحارى و جبال هاتين المدينتين مثل صحارى و جبال مدنهم ولن يجدوا أيّ فرق بينها. (5)

فهو يقترح أن تنصب لوحات في أرجاء البقيع تذكر مجد و عظمة المدفونين فيه.(6) بهذه اللوحات سيبتعد المسلمون عن الإفراط والتفريط.  سيكون دور هذه اللوحات إظهار الدور الوحياني لهذه الناحية المقدسة في كافة أرجاء الأرض، لأن الله قد جعل البيت مصدراً لقيام الناس.

 ومن خلال تأمّله في هاتين المدينتين استنتج أنّ هذا العمل يشمل مفتاح أمن العالم والمجتمع وسيكون السبب في تعاطف القوات الإسلامية ليقوموا بمساعدة بعضهم البعض. إذا تم تجاهل هذا الامر فإنه سيؤدي إلى الفساد في شؤون المسلمين.

تنبع أهمية هاتين المدينتين من أنهما مليئتان بالذكريات.

 

أسرار الحج

 فهو يذكّر الحكّام المسلمين بهذا الأمر البديهي و المنسي في الوقت نفسه وهو أنّ بيت الله أليق من الامم المتحدة من أجل خلق الوحدة. فقبلة المسلمين يمكن أن تتحول إلى بيت أمن للأمم والدول وأن يتمتع الجميع بحقق متساوية من خلال التمسّك بهذه القبلة ولا يكون معنى لأي تمييز عنصري و ديني وجنسي.(7) وقد أراد الله من ذلك البيت نشر مثل هذه الفكرة.

ويضيف مذكّراً: كيف طلب الرسول من قريش في يوم فتح مكة أن يناقشووا معه كل ما يريدون حيث صفح عنهم خلافاً لاضطهادهم فحوّل بذلك مشهد القتال والتنافر إلى مشهد للقاء والوصال ليخيّم العشق والصفاء بظلاله على المسجد الحرام و مكة.(8) في تلك الأرض اجتمع كل من سلمان الفارسي إلى جانب بلال الحبشي وصهيب الرومي.(9)

ويستنتج: تمتلك القبلة سرّ كبير يدل على أنه يجب على الإنسان في هذه الأرض أن يتلقى الأوامر ويقول كل ما لديه. محبوب ذلك المكان. جهة القبلة، قطب العالم من البداية حتى النهاية حيث يغسلون نعش الإنسان متوجهين إليها و يدفنوه متوجهاً نحو القبلة.

 "و ما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتّبع الرسول".(10)

من وجهة نظر ميرزا خليل فإن ما يجب الإهتمام به في القبلة ليس البيت بل الحرم والبلد الأمين الذي جهته الكعبة. لذلك فالغاية النهائية ليست الأحجار والطين، بل هناك سرّ خفي في ذلك.(11) المقصود من النظم الإلهي هو التشريع و وضع أحكام الأمن والأمان التي تم وضعها بيد المعلم الإلهي للبشر.(12) القبلة هي عملنا وليس اسم البيت؛ لكن بما أن العمل يجب أن يكون بجهة بيت الله الحرام فرويداً رويداً تم وضع اسم العمل على البيت.(13)

إذاً القبلة هي طريقة الوقوف و مواجهة شيء ويتم ذلك بذهن حاضر.

القبلة، سلوك واع وخبير تقوم به جميع الأعضاء والجوارح.

إذاً القبلة هي الإقبال على شيء. فحضور الذهن شرط في القبلة. (14)

 

 

 القبلة ملهمة و مصدر للإلهام ومنبع للذات. فهي تتفقد مؤيديها خمس مرات في اليوم حيث تقوم بصفّهم في موكب ديني بمنتهى الإخلاص و تلهمهم كلّ ما لديها. (15) يستمر أتباع مدرسة القبلة بهذا العمل وهذا التوسّع المتزايد يوماص بعد يوم سيسلّم العالم في النهاية لسلطان ذلك المكان ليصبح الجميع حزب القبلة. إذاً سرّ القبلة عظيم. (16) هناك حرب صامتة بين الكعبة وبلاط الملوك. فكل منهم ينقص من الآخر ويضيف إلى نفسه وجموع البشر تتجاذب بين هاتين القوتين. إن التعلقات الإجتماعية تقود الإنسان إلى جهنم وتسلب منهم عشق بيت الله.(17)

إنّ إشراف القبلة على الأشجار، إشرافها على الذبيحة، على مال الإنسان بلا معيل وإشرافها على نهضة الخلق و منطق البلد الأمين على البلاد غيرالآمنة هو من المواضيع القابلة للتأمل.

برأي الميرزا كمرئي فإن الوحدة ممكنة بناءاً على التأسّي بتقارير التاريخ الإسلامي. هذا النمط سيلقى ترحيباً عاماً بسبب الإتقان في الوثائق و الإستشهادات. لأنه ليس نموذجاً خيالياص بل هو نموذج حقيقي و ملموس. رغم أنه قد تعرّض في سبيل تقديم نمطه هذا إلى انتقادات المحافظين التاريخية إلّا أنه قد استفاد بشكل جيد من قوة اجتهاده.

 

 المصادر:

 1. أرض النبوة جسر عظيم / 71.

2. نفس المصدر / 121.

 3. نفس المصدر / 125.

4. نفس المصدر / 36.

 5. نفس المصدر.

 6. نفس المصدر / 23.

 7. نفس المصدر / 85.

 8. نفس المصدر / 20 - 21.

 9. نفس المصدر / 86.

 10. البقره، الآيه 139.

 11. نفس المصدر / 118.

 12. نفس المصدر / 126.

 13. نفس المصدر / 26.

14. قبلة الاسلام، ميزرا خليل كمرئي، طهران 1376 / 1336؛ ه. ق.

15. نفس المصدر / 20.

 16. نفس المصدر / 21 - 20.

17. نفس المصدر / 22.

 




المستعمل تعليقات