حمولة ...

ان أهم وظيفة تتجلى اليوم في هذا المجال ليست هدم المساجد و انما و كخطوة أولى الاعتراف الرسمي بهذه الحصون الاجتماعية من قبل كلا الطرفين ثم و كخطوة أخيرة : التحرك باتجاه * توحيد المساجد * و بعث صرح * المسجد الاسلامي من جديد *. علي بهادرزاي,طالب في الحوزة العلمية في قم

 

ان الاسلام الذي بني صرحه على التسليم لله, و على  السلام و الصفاء ما بين المؤمنين : يعتبر المسجد من أهم الحصون الاجتماعية, و لقد كان كلام أمير المؤمنين *ع* من أبلغ الشواهد على هذا المعنى: لجلسة في المسجد خير لي من الجلسة في الجنة, فان الجنة فيها رضا نفسي و الجامع  فيه رضا ربي-1- . كما  أشار الى نشاطات مختلفة تنجز فيه: من اقامة صلاة الجماعة الى بسط العدل, كما عده محلا للسخاء أيضا-2-.

من بين النشاطات المهمة التي عرف الأئمة*ع* هذا الصرح المقدس كميدان لها و شجعوا شيعتهم على القيام بها: الحضور في مساجد عموم المسلمين و المشاركة في النشاطات الاجتماعية التي تقام فيها و من جملتها الصلاة. لقد بين الامام الصادق*ع*- و هو يعدد الأعمال الموجبة لكون الشيعة زينا على أئمتهم-  جملة من لوازم التقية المداراتية: *اياكم أن تعملوا عملا يعيرونا به فان ولد السوء يعير والده بعمله,كونوا لمن انقطعتم اليه زينا و لا تكونوا عليه شينا,صلوا في عشائرهم و عودوا مرضاهم و اشهدوا جنائزهم*-3-, ثم يبين أن لهذه الأعمال ثوابا عظيما:* من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله*-4-

لقد كان الاهتمام بهذا الأمر باديا الى غاية القرون الوسطى, حيث يفتي فقيه كبير مثل الشهيد الأول-رحمة الله عليه- قائلا:*يستحب حضور جماعة العامة كالخاصة بل أفضل, فقد روي:*من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه و آله*,فيه و يتأكد مع المجاورة*-5-.

لكن و مع الأسف,ونتيجة لتوسع الشقاق و زيادة تأجج نار الخلاف لم يتعرض المسجد الاسلامي الذي يصلي فيه الشيعة و السنة و يتعاملون فيه مع بعضهم البعض الى الانقسام و صار عبارة عن مساجد منفصلة شيعية وسنية فحسب: بل صار حتى الحد الأقل من الزيارات و التواصل بين الطرفين شبحا من الماضي قد طاله النسيان بعد أن حولوا صورة المساجد في بعض الأحيان من مكان تتجلى فيه الأخوة الاسلامية الى مراكز للنشاطات العدوانية ضد الطرف الآخر.

ان وضعنا الحالي هو نتيجة عوامل مختلفة نستطيع القول أن الحساسية المتولدة من بعض شعائر كلا الطرفين من أهمها .ان أهم وظيفة تتجلى اليوم في هذا المجال ليست هدم المساجد و انما و كخطوة أولى الاعتراف الرسمي بهذه الحصون الاجتماعية من قبل كلا الطرفين ثم و كخطوة أخيرة : التحرك باتجاه * توحيد المساجد * و بعث صرح * المسجد الاسلامي من جديد *.

في هذا الوضع و مع غض الطرف عن الاختلافات الصغيرة ,مثل الاختلافات القليلة في الأوقات الشرعية, و اتخاذ موقف موحد تجاهها,مثل انتظار أتباع أحد المذاهب لبضعة دقائق: لن تزول تلك العوامل المهمة المسببة للتفرقة سيما الحساسية المنبعثة من معارف الطرفين, و لن تصير وسيلة للاختلاف  و الشقاق فحسب, بل ستشيد صروحا مقدسة أخرى مثل التكايا لتلعب الدور المكمل و تتحمل عبء ترويجها و تبليغها للغير.

طبيعي أن الوصول الى أفق كهذا في زمان قصير او حتى متوسط غير ممكن , و أن الهدف القريب هو فتح باب المعاملات الايمانية, حيث أن *توحيد المساجد* طموح لن يتحقق الا بتجاوز الواقع و تغييره و هذا ما لا يتأتى الا لاولئك الذي سمتهم الأدبيات القرآنية *المؤمنون بالله و اليوم الآخر*: انما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر-6-

ملحق

1-ارشاد القلوب,ج2,ص218

2-اشارة الى تصدق علي*ع* بالخاتم أثناء الصلاة في المسجد

3-أصول الكافي,طبعة انتشارات اسلامى,ج2,ص 219

4-أصول الكافي,طبعة انتشارات اسلامى,ج3,ص380

5-الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي,الدروس الشرعية في فقه الامامية, مكتب المنشورات الاسلامية التابعة لجامعة المدرسين في الحوزة العلمية  في قم,قم,ايران,الثاني,1417ه ق, ج1,ص 224

6-سورة التوبة,الآية18

 

.




المستعمل تعليقات