حمولة ...

من هنا يتضح أن مواجهة و قمع الاسلاميين المعادين لإسرائيل في مصر و كذلك مواجهة و قمع الشيعة المعادين لأمريكا في نيجيريا هما وجهان لعملة واحدة, و مستحيل أن نشاهد مواجهة و قمعا للاسلامين الشيعة أو السنة المدافعين عن الغرب و عن الكيان الصهيوني.

ان الأحداث الأخيرة في نيجيريا لم تكن الا صفحة أخرى في سجل الأحداث التي حدثت و مازالت تحدث في مصر, و للأسف يجب علينا توقع تكرر هذه الأحداث المريرة  في المستقبل غير البعيد. لكن لماذا؟ و ماذا يمكن فعله لتجنب ذلك؟

ان الزلزال الذي أعقب انتصار الثورة الاسلامية في ايران  مصاحبا لتغيير مفاجيء للجيوسياسة الاسلامية من عربية سنية الى ايرانية شيعية, و الذي نقل راية الصراع مع الحضارة الغربية و مصالحها من الدول العربية الى ايران: كان يحمل في ثناياه تمهيدا لخوف الامة الاسلامية من ايران. و لقد سعى العدو بالتأكيد الدائم على هذا الأمر الى عزل الثورة الاسلامية و بناء جدار بينها و بين الامة.

ان الشيء الذي لعب أكثر الأدوار جدية في هذه المسألة هو الحراك السياسي للشيعة في العراق و انتشار نظرية * تحالف أمريكا و ايران من أجل تقوية الشيعة في العراق*. كما أن  وسم الصراع في سوريا بأنه * تقتيل للسنة بيد الشيعة* زاد الطينة بلة, و زرع بذرة سوء الظن و عدم الثقة بإيران و حزب الله و الشيعة بين قناعات جزء من الأمة الاسلامية.

لما أحس العدو أن له القدرة على التفرقة ما بين بعض أجزاء الامة الاسلامية, و لما لم يكن الزمان زمان حرب تموز 2006 حيث يهب القرضاوي أو الاخوان المسلمين و غيرهم للدفاع عن حزب الله: توجه نحو أنصار الثورة الاسلامية  و أولئك الذين يحملون فكرها, و بعبارة أوضح نحو كل توجه معاد للاستكبار سواء كان عند الشيعة أو كان عند السنة.

من هنا يتضح أن مواجهة و قمع  الاسلاميين المعادين لإسرائيل  في مصر و كذلك مواجهة و قمع الشيعة المعاديين لأمريكا في نيجيريا هما وجهان لعملة واحدة, و مستحيل أن نشاهد مواجهة و قمعا للاسلامين الشيعة أو السنة المدافعين عن الغرب و عن الكيان الصهيوني.

في هذه الأوضاع حيث تتباعد القلوب و يتعالى جدار سوء الظن الى أعلى حد يصير المسلمون مستعدين للسكوت حيال تقتيل غيرهم من المسلمين, و في هذه الأثناء أيضا يرسل اليهم العدو قواه الهدامة لإزاحة كل من يعيق مشروعه غريبا وحيدا .

ان الحكومة البحرينية التي ما كانت تجرؤ على اعتقال زعيم جمعية الوفاق, الذي كان نائبا رسميا في البرلمان و كان يداريها بشكل كبير, استطاعت سجنه فجأة فقط لأن حالة سوء الظن المذهبي قد وصلت الى ذروتها, و اذا لم نكن يقظين فقد تزداد الأوضاع سوءا.

عندما تتباعد القلوب, يقتل زعيم الجماعة الاسلامية في بنغلادش غريبا, و يحكم على الاسلاميين في مصر بأقصى الأحكام القضائية, و يقمع الشيعة في نارداران بأذربيجان, و لا يرتفع  أي صوت للتنديد أو الدفاع....... في هذه الأوضاع ستستمر مواجهة و قمع  أي حراك ثوري و مستقل في أنحاء العالم المختلفة.

حتى لو كنا لا نرى فانه بات واضحا جدا اليوم أن أبناء الأمة الاسلامية عندما يبتعدون عن بعضهم البعض سوف يتسلط عليهم العدو, و يصطادهم الواحد تلو الآخر غرباء معزولين. اذن فالمخرج الوحيد من هذه البلوى هو التكاتف و التعاطف و الحد من الأحقاد و العداوات.

علينا أن نعي جيدا أن هذه المواجهة و هذا القمع قد يحول الحركات الثورية المعتدلة الى أخرى متطرفة, و معلوم أن السيطرة على شباب متحمسين يقمعون و يواجهون بعنف ليس بالأمر الهين.

هناك تهديد أكبر يتربص بمستقبل العالم الاسلامي: و هو ترجيح التيار العلماني و كذلك الاسلامي غير المسؤول و اللامبالي على الخط الثوري عند الشيعة وعند السنة.

عندما ينزوي الاسلاميون الثائرون و يضيق العدو عليهم بشدة فان أرضية توسع الحركات التي تطلب العافية و تتخاذل و تهادن العدو الغادر الى حد التحالف و الصداقة تصير مهيأة بشكل جيد, و عند ذلك تروج حركات التسنن الأمريكي و التشيع البريطاني.

اذن فلنكن يقظين, و لنسعى جاهدين للحد من التباعد و حس الانتقام فيما بيننا.

 

 

 




المستعمل تعليقات