حمولة ...

إن التعامل مع غير الشيعة قد جاء بشكل صريح على لسان الأئمة الأطهار عليهم السلام. على الرغم من أن التيارات التقليدية التي تعارض الوحدة الإسلامية بشكل دائم تتمسك ببعض الروايات المتناقضة و يحاولون استناداً إليها تبرير تصرفاتهم إلا أن الواقع أنه لم يصل إلينا من سيرة الأئمة الأطهار عليهم السلام أي عمل علني تفوح منه رائحة الإنقسام أو الإساءة إلى بقية المسلمين.

من بين الأحاديث التي قد وصلت إلى يدي الشيعة بعدة طرق و تحمل مضموناً كهذا هو هذا الحديث الذي تم التأكيد فيه على أن اقتداؤك بين عشيرتك الذين لا يماثلونك في المذهب ليس فقط وصيتنا للشيعة بل هو وصية الرسول الأكرم (ص) لعامة المسلمين أيضاً. بمعنى أن سلوك و عمل مسلم واقعي يجب أن يكون قدوة في مجموعة من غير المسلمين كما أن له موضوعية أيضاً بين الكفّار .

كونوا قدوة بين كل مجموعة

جاء في هذا الحديث الشريف أن أبا عبدالله (الإمام الصادق عليه السلام) قال لي: اُوصيكم بتقوي الله و الورع في دينكم، و الاجتهاد لله، و صدق الحديث و أداء الأمانة الي من ائتمنكم من برأ و فاجر، و طول السجود، و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد(صلي الله عليه و  آله) صَلّوا في عشائركم، و اشهدوا جنائزهم و عودوا مرضاهم، و أدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم اذا ورع في دينه، و صدق في حديثه، و أدّي الأمانة، و حسَّن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلگ، اتّقوا الله و كونوا زيناً و لاتكونوا شيناً، جُرّوا إلينا كلّ مودّة، و ادفعوا عنّا كلّ قبيح ... احفظوا ما وصّيتكم به و استودعكم الله و أقرأ عليكم السلام . أقسم بالله أن أبي قال لي ذلك: إذا كان رجل من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام في قبيلة فيجب أن يكون أفضلهم في أداء الامانة و مراعاة الحقوق و الصدق حتى يوصى إليه و تودع عنده الأمانة و يلبون منه المساعدة و يقولون: من مثل فلان فهو الأكثر أمانة و الأصدق؟(1)

تم التأكيد في هذا الحديث على أن تعمل بطريقة تصبح فيها قدوة بحيث ينجذب الىخرون من خلال تصرفاتك إلى فكرك و مدرستك و يثنون على كونك جعفري.

أثبت في العمل من أنت

كما أن هناك حديث آخر يظهر أن أهل البيت عليهم السلام يريدون من شيعتهم العمل و ليس الإدّعاء و هذا واضح للجميع: جاء في حديث عن ابن أبي يعفور أنه قال: كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ لِيَرَوْا مِنْكُمُ الْوَرَعَ وَالِاجْتِهَادَ وَالصَّلَاةَ وَالْخَيْرَ فَإِنَّ ذَلِكَ دَاعِيَة(2)

أي قم بدعوة الناس بغير لسانك. فإن الصدق و الورع و الجهاد و الصلاة التي تظهر منك هي أفضل دعوة.

أن يكون المرء ذو أخلاق جيدة و سبّاقاً في الورع و الأمانة و الصدق ليس أمراً صعباً و شاقاً حيث أن هذا الأمر هو مبدأ سلوكي عند الأئمة.

على ما يبدو فإن لدينا الكثير من الأحاديث التي تحتوي على لهجة حادة بالنسبة للأشخاص الذين يزعمون التشيع لكنهم يقومون عملياص بعكس ذلك. إن حكاية عدم لقاء الإمام الرضا عليه السلام للأشخاص الذين كانوا يقوبون نحن شيعته هي حكاية معروفة. توجهوا أربعين مرة إلى مجلسه عليه السلام لكنهم لم ينجحوا في لقائه.

كونوا لنا زينا و لا تكونوا لنا شينا

 

من بين الأحاديث الأخرى التي يجب أن تضعنا في مواجهة لتيارات التي يتسبب سلوكها بكراهية التشيع هو الحديث التالي الذي سنقرأه: جاء في الحديث الصحيح عن أبي أسامة (زيد الشحام) أنه كان يقول سمعت عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: وَكُونُوا دُعَاةً إِلَى أَنْفُسِكُمْ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ، وَكُونُوا زَيْناً وَلَا تَكُونُوا شَيْنا(3)

في الواقع لو قبلنا بكافة الفرضيات المسبقة و مزاعم التيارات المتطرفة فهل هذا المبدأ أساسي و غير قابل للتشكيك بأن الشيعة يجب أن يكونوا قدوة و زينة لأهل البيت عليهم السلام أم لا و ليسوا شيناً و مصدر عار و كراهية، هل يقبل المناقشة و الإنكار؟!

حقيقة هل هذا المبدأ العقلاني بأن سلوك أتباع مذهب ما هو أهم عامل في جاذبية ذلك المذهب هو أمر قابل للإنكار و من هذه الجهة تقوم التيارات التي تنشط باسم الشيعة بمثل هذا الإجتهاد في مقابل هذا «النص» لتقوم بالعمل على تحريض الآخرين؟!

يا للعجب عندما تتغلب «العصبيات» الشيطانية فكم من البديهيات يتم إنكارها في العمل!

 

 

المصادر:

1: الكافي (ط – دار الحديث)، ج‏4، ص: 681 رقم 3602 / 4 باب 1- بَابُ مَا يَجِبُ مِنَ الْمُعَاشَرَة . الفقيه، ج 1، ص 383، ح 1128، معلّقاً عن زيد الشحّام، ملخّصاً، مع اختلاف. تحف العقول، ص 487، عن الهادي عليه السلام، إلى قوله: «وطول السجود وحسن الجوار» مع اختلاف يسير. راجع: المحاسن: ص 18، كتاب القرائن، ح 51؛ وتفسير العيّاشي، ج 1، ص 48، ح 65؛ وصفات الشيعة، ص 27، ح 38؛ والاختصاص، ص 25؛ وتحف العقول، ص 299 ، الوافي، ج 5، ص 524، ح 2498؛ الوسائل، ج 12، ص 5، ح 15496.

2: الكافي ج : 2 ص : 78

3: الكافي ج : 2 ص : 77 ورواه محمد بن سليمان الكوفي في كتاب مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ج 2 ص 123ح 773 ونحوه في أمالي الطوسي ص 440 987 ح 44 المجلس 5 وأمالي الصدوق ص 484 ح 17 من المجلس 62




المستعمل تعليقات