حمولة ...

انقسمنا في دوار الؤلؤة الى مجموعتين,مجموعة قالت ان الحكومة طلبت الحوار فلا بد من الحوار معها,و في المقابل كانت الاكثرية تردد شعار اسقاط النظام.اغتنمت الحكومة هذا الخلاف و شرعت بلعبة الحوار.من جهة اخرى حرضت الحكومة أهل السنة في البحرين و قالت لهم ان المعارضة تريد تسليم البحرين الى ايران و أن تمهد لحكومة ولاية الفقيه في بلدنا.

النص التالي عبارة عن تقرير لكلمة ألقاها أحد ثوار البحرين في مكتب اتحادية الأمة الواحدة في قم, في البداية قام بتحليل لثورة الشعب البحريني و الأحداث الجارية هناك, ثم تطرق الى ذكرياته في سجون آل خليفة.

230 سنة من الظلم و الفساد

البحرين بلد صغير دخله آل خليفة قبل 230 سنة, و منذ ذلك الوقت بدأ فسادهم و طغيانهم و ظلمهم للشعب البحريني, و كذلك انطلقت مقاومة الشعب البحريني لتصرفاتهم منذ ذلك الزمن. كثير من البحرينيين اجبروا نتيجة لظلم آل خليفة و جورهم على مغادرة البحرين و الهجرة الى بوشهر و القطيف و الكويت و الهند و.....و الاستقرار بها.

لم ينتج من مقاومة الشعب البحريني المتواصلة لسلطة آل خليفة أي تغيير للحكومة ,تعتبر سنوات 1965,1956,1927,1920 من اهم محطات المقاومة الشعبية في البحرين ,و كانت سنة 1970 سنة استفتاء شكلي أقامته بريطانيا قبل خروجها من الاراضي البحرينية ,و قد خير الشعب ما بين الالتحاق بإيران او الاستقلال.

لم يصوت الشعب البحريني في هذا الاستفتاء مباشرة فقد كان نظام التصويت هو أن يصوت زعماء القبائل نيابة عن عامة الناس, و كان رأيهم موافقا للاستقلال.

و قد قام حاكم البحرين في ذلك الوقت بزيارة مخادعة الى المرجع الأعلى للشيعة السيد محسن الحكيم في النجف الأشرف و وعده بمراعاة حقوق الشيعة في بلده ,فأكسبه عمله هذا نوعا من  المشروعية لحكم البحرين.

التنازلات التكتيكية للملك

كان الهدف من  زيارة حاكم البحرين لمرجعية النجف هو ايجاد الفرقة بين الشيعة العرب و الشيعة الفرس في البحرين.

لقد أعطيت للشعب البحريني وعودا كثيرة كأن يؤسس برلمان شعبي و أن تعطى الحريات للشعب .نتيجة لهذه الوعود أجريت انتخابات تشريعية في عام 1973 و كتب الدستور البحريني ,لكن البرلمان المؤسس لم يدم نشاطه أكثر من سنة و نصف السنة و حل بعد ذلك نتيجة لرفضه المصادقة على قانون أصدرته الحكومة البحرينية  مفاده أنه من حقها سجن أي  شخص تراه معارضا لها لمدة ثلاث سنوات و دون محاكمة, كما ألغي الدستور البحريني بسبب ذلك أيضا.

من سنة 1975 و الى غاية سنة 2001 بقيت الأوضاع السياسية في البحرين على نفس المنوال ,و كان الملك دائما يحكم بلا ضوابط أو قيود .في خلال هذه الفترة اندلعت اكبر ثورة شعبية في البحرين بعد ثورة 2011 و كان ذلك سنة 1994 و التي استمرت الى غاية عام 2001.

كعادته أطلق ملك البحرين سنة 2001 وعودا للشعب البحريني بالحرية و تأسيس برلمان شعبي, نتيجة لذلك أطلق سراح كل المعتقلين السياسيين بعد أن صودق على الميثاق الوطني البحريني الذي صوت الشعب لصالحه بنسبة 89 بالمئة في  14 فبراير 2001 ,و قد عد ذلك أهم حدث في تاريخ البحرين السياسي,و اللافت أن تاريخ اندلاع الثورة الحالية في البحرين كان في 14 فبراير 2011.

لكن هذه الحريات لم تدم أكثر من سنة واحدة,حيث عادت الأمور في عام 2002 الى ما كانت عليه في السابق.صار البرلمان البحريني شكليا فلم تعد له صلاحية اصدار القوانين أو الاشراف على ذلك.ينقسم أعضاء البرلمان البحريني الثمانون الى نصفين الأول يعينه الملك و الثاني ينتخبه الشعب,و قد حيكت لهذا الفريق من النواب خطة حتى لا تكون الأكثرية فيه شيعية,فمثلا تجد نائبا عن منقطة شيعية يسكنها 3000 مواطن,بينما تجد نائبا عن منطقة سنية لا يسكنها الا 500 مواطن,فقامت المعارضة بمقاطعة الانتخابات.

مجهودات لتغيير التركيبة الطائفية للمجتمع البحريني

في موسم 2004-2005 جاء شخص سوداني اسمه *صلاح بندر* يحمل جواز سفر بريطاني و قد كتب تقريرا مفاده أنه اتضح جليا أن للحكومة البحرينية  مشروعا جديا و واسعا اسمه *عملية التجنيس* يقضي بإعطاء الجنسية البحرينية لأفراد غير بحرينيين جلهم وهابيون و فقراء.بناء على ذلك فلو استطاعت الحكومة في البحرين تجنيس 30000 شخص فان الأكثرية ستصير سنية أي وهابية,حاليا و قبل اكتمال المشروع تعتبر الأجهزة الأمنية و الشرطة و الجيش في البحرين وهابية فما بالك بما بعد تمام المشروع؟ تقوم الحكومة البحرينية بتوفير امكانيات مادية و رفاهية ضخمة للأفراد الذين تجنسهم,و هذا ما دفع بكثير من الفقراء الوهابيين الى ترك بلدانهم و الهجرة من أجل العيش في البحرين و نيل جنسيته.

بث الخلاف بين أطراف المعارضة

تأسس البرلمان البحريني الأول فعارضته كل التيارات السياسية المعارضة للسلطة,بعد عام 2001 انقسمت المعارضة في البحرين الى فريقين,فريق امتنع عن المشاركة في أية انتخابات في المسقبل بحجة الظروف السياسية المجحفة في البلد.أما الفريق الثاني فقد شارك في الانتخابات التشريعية اللاحقة و استطاع ان يحصد منها 18 كرسيا من أصل 40 كرسي.تعرض الفريق المعارض الأول الى ضغوط شديدة من طرف الحكومة البحرينية,فاعتقل كثير من رواده و تعرضوا لتعذيب شديد في السجون.

تكررت هذ الانتخابات في سنة 2010 لكن الفريق المعارض الأول قاطعها و امتنع عن المشاركة فيها مجددا,مما أدى الى اعتقال عدد كبير من أعضائه و على رأسهم الأساتذة *محمد حبيب المقداد*,*سعيد النوري*,*عبد الجليل سينگس*,و قد تعرضوا الى تعذيب رهيب في المعتقلات.جعلت الحكومة من الجو السياسي في البحرين جوا محكوما لحكم عسكري ظاهره مدني,و لم تسمح لأي تيار من معارضتها.

بداية الثورة بمحورية عبد الوهاب حسين

في مثل هذه الظروف انطلقت الثورة الشعبية في تونس فأججت الروح الثورية لدى الشباب البحريني.أعلن يوم 14 فبراير الذي تحتفل به الحكومة البحرينية في كل عام *يوم الغضب* و تدفق الشعب الى الشوارع معبرا عن معارضته للسلطة.لقد كان الاستاذ *عبد الوهاب حسين* الشخصية المحورية في تحريك الشارع البحريني,فهو من الشخصيات الثورية المعروفة في البحرين,و هو الآن في سجون آل خليفة بعد أن حكم عليه بالسجن المؤبد.

ان الأستاذ عبد الوهاب حسين كان أول من نزل الى الشارع بغية التظاهر ضد حكومة آل خليفة,و قد كان ذلك في 14 فبراير2011  بعد أداء صلاة الصبح مباشرة.تدفق الشعب البحريني الى الشوارع و استمرت المظاهرات الى غاية غروب الشمس.أعلن عبد الوهاب حسين أن المظاهرات سلمية لكن اذا ما أريقت دماء فانه سيطالب باسقاط النظام,و فعلا استشهد الأخ*علي عبد الهادي المشيمع* فهبت الجماهير مرددة لشعار *الشعب يريد اسقاط النظام*.لقد كانت تظاهرات الشعب البحريني مسالمة دائما و لم يستعمل فيها السلاح أبدا,لكن جرى بين الثوار نقاش حول جعل الثورة مسلحة لأن الشعب قد يتعب من اعطاء الشهداء و تحمل أذى السلطة دون أن يدافع عن نفسه,فجاء قرار قيادات الثورة بمواصلة النضال السلمي خاصة أن تزويد البحرين *الجزيرة* بالسلاح أمر في منتهى الصعوبة,و أن الطريق البري الوحيد المتصل بالبحرين هو الجسر الرابط ما بينه و ما بين السعودية.

أسبوع دام في عمر ثورة البحرين

شيع المتظاهرون في اليوم التالي جثمان الشهيد*علي عبد الهادي المشيمع* فهاجمت قوات آل خليفة الجماهير المشيعة و تسببت في استشهاد الأخ *علي فاضل متروك*,اضطرب الشارع البحريني بسبب هذا الحادث كثيرا و صمم الثوار على مواصلة الثورة أكثر من السابق.و أدى ذلك أيضا الى جعل الفئات المخالفة للثورة مناصرة لها,وتوجهت بأجمعها الى *دوار اللؤلؤة* الذي أعلن فيما بعد معقلا للثورة البحرينية و قلبها النابض.استمر الاضطراب في الشارع البحريني نتيجة لقمع الحكومة للمتظاهرين حيث جرح المئات و اسر الكثير الى غاية 17 فبراير حيث سقط أربعة شهداء فيما عرف بأحداث *الخميس الدامي*,حقيقة ان  استشهاد اربعة مواطنين في بلد لا يتعدى عدد سكانه 70000 نسمة  لهو خطب جلل.

توجه الشعب الغاضب من *دوار اللؤلؤة* نحو مستشفى *السلمانية* أكبر مستشفى في *المنامة* عاصمة البحرين من أجل استلام جثث الشهداء,انطلقت هناك مظاهرات شعبية منددة بالقمع الذي تمارسه الحكومة,فما كان من قوات الأمن الا أن واجهتها بشدة كعادتها.ناسب دفن الشهداء يوم الجمعة,و ناسب يوم السبت *الثالث* الذي يحيه البحرينيون عادة ثلاثة أيام بعد الوفاة,فتوجهت الجماهير الغاضبة نحو *دوار اللؤلؤة* و مزق الشباب قمصانهم كاشفين لصدورهم تحديا لقوات الأمن البحرينية و صارخين في وجوههم أن أطلقوا علينا النار,فما كان من الحكومة الا أن أمرت الأمن بتفريق المتظاهرين بالقوة و الرصاص الحي,فسقط للبحرين المظلوم شهداء آخرون.اتصل أوباما بملك البحرين و أمره بتخلية دوار الللؤلؤة و تهدئة الشارع البحريني بأي طريقة كانت,فظهر حمد على شاشة التلفزيون و وعد بإصلاحات جديدة شرط أن لا ينزل الشعب الى الشارع, لكنه لم يجد لكلامه أذنا صاغية لدى شباب البحرين الثائر الذين ملؤوا الشارع و تجمعوا في دوار اللؤلؤة مرة أخرى.

حمد و لعبة الحوار

نتيجة لتصريح ملك البحرين في التلفزيون صار جماهير دوار اللؤلؤة فريقين,فريق يقول ما دام حمد دعا الى الحوار فتعالوا نستمع اليه و نحاوره,و فريق ثان مثل الأكثرية بقي مصرا على ترديد شعار *الشعب يريد اسقاط النظام*.

انتهزت الحكومة فرصة هذا الاختلاف و أوهمت أهل السنة أن الثوار يريدون تسليم البحرين الى ايران و ان يفتحوا الباب لحكومة ولاية الفقيه في البحرين,تأثر أهل السنة بهذا التحريض و تجمعوا في *مسجد الفاتح* معارضين للثورة.

من هنا شرعت وسائل الاعلام التابعة لحكومة البحرين و الحكومات الرجعية في المنطقة ببث الفرقة بين أفراد الشعب البحريني و اتهام الثوار بالطائفية و الدعوة الى التشيع.للأسف استطاعت الحكومة خندقة أهل السنة ضد الشيعة و مضاعفة الحملة الاعلامية في المنطقة و وصف الثورة البحرينية بأنها خلاف شيعي-سني,و كذا خديعة علماء أهل السنة و حتى المعتدلين منهم بأن المشكل في البحرين طائفي بحت,و صارت حملة الاعلام في المنطقة على الثورة شعواء بلا هوادة.

الاعلام في المنطقة يصف قضية البحرين بالصراع الطائفي

سكان البحرين كانوا جميعهم شيعة الى غاية الغزوة التي تعرض لها بلدهم قبل حوالي 230 سنة,حيث بدأ أهل السنة بالمجيء.لكن ما كان هناك مشكل بين الشيعة و السنة,غاية ما هناك أن الحكومة كانت ظالمة و أكثرية الشعب شيعة فهم من سيتعرض الى الظلم أكثر و يعترض أكثر من غيره,استغلت الحكومة هذه المعادلة و حرفت أصل المشكل من صراع مظلوم-ظالم الى شيعة-سنة.

كانت الوحدة دائما شعارنا و ذلك تأسيا بالامام الخميني*رض*,فهو الذي علمنا أن نحسن لأهل السنة و ان أساؤوا الينا,اننا نحيي أسبوع بشكل واسع و مهيب. كان شعارنا *اخوان سنة و شيعة هذا الوطن ما نبيعه* لكن للأسف كان الطرف الآخر يطالب بتطهير دوار اللؤلؤة.بقيت الأوضاع على هذه الحال الى غاية 14 مارس حيث دخل الجيش السعودي الى البحرين.

عرض التلفزيون البحريني دخول الجيش السعودي مباشرة حتى يلقي الرعب في قلب الشعب البحريني,كما تم تشجيع الوهابيون على استقبال هذا الجيش السني الذي سيخلص البحرين من تمرد الشيعة كما تنص عليه الأدبيات الأمريكية و السعودية و الخليفية.

دخول الجيش البحريني و سيل الدماء

في يوم 15 مارس 2011 هاجمت القوات السعودية جزيرة *سترة* قلب الثورة النابض و خلف ذلك شهداء كثيرين.الشهيد*أحمد فرحان* الذي انتشر فيديو تفجير رأسه بالرصاص استشهد في ذلك اليوم نفسه.ثم صمموا على مهاجمة دوار اللؤلؤة, و تم ذلك فعلا في الصباح الباكر باستعمال الدبابات و الطائرة المروحية و اعتدي على الشعب بأبشع الصور. في نفس الوقت حاصرت القوات السعودية كل المدن و القرى البحرينية و أعلنت الحكم العسكري في البحرين. استمرت المواجهة في دوار اللؤلؤة بين شباب ثائر يحمل في يديه حجارة, و بين قوات قامعة مدججة بأنواع الأسلحة قرابة الثلاث ساعات, و نتج عن ذلك سبعة شهداء و عشرات الجرحى و المعتقلين.حتى المستشفيات هوجمت و اعتقل المجروحون الموجودون فيها و كذا الأطباء الذين كانوا يريدون معالجتهم, و أعلن قانون الطواريء.

هجموا في تلك الليلة على بيوت قادة الثورة في البحرين و اقتادوهم الى السجون و المعتقلات.بقيت الأوضاع شديدة الاضطراب الى غاية اسبوع كامل, حيث كنا كل يوم نعثر على جثث شباب شهداء نتيجة التعذيب ملقاة في الشوارع و الطرقات.

هجموا على بيتي أيضا و من هنا سنبدأ الكلام حول ذكرياتي في سجون آل خليفة.

يتبع..........




المستعمل تعليقات