حمولة ...

الإختلاف لا يختص بالشيعة و السنة

الأستاذ حسن رحيم بور أزغدي

ما معنى وحدة الشيعة و السنة؟ يعني تماماً كما ينص القرآن: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ». في الإختلافات الفقهية و الكلاميةو التاريخية نقوم بالحوار العلمي. كل شخص بينه و بين الله تسليم لحجة الله. إذا لم نصل إلى اتفاق فإن حساب كل شخص مع الله يوم القيامة. ليس لدينا حرب طائفية. إن الخلافات الفقهية و الكلامية و التاريخية يجب أن لا تكون السبب وراء الصراع.

في القرن الثاني و الثالث الهجري تشكلت فرق سنية و شيعية مختلفة. حصل في الشيعة انشعاب كبير الأول بعد الإمام السجاد(ع) و الآخر بعد الإمام الصادق(ع). كما تشكل أكثر من مائة و عشرين مذهب فقهي مختلف لدى أهل السنة. بالطبع في القرن الخامس تم الإعلان عن منع كافة المذاهب غير المذاهب الأربعة الفعلية(الحنفي، الشافعي، المالكي، الحنبلي) من قبل الحكومة العباسية.

إن وجود الإختلاف في وجهات النظر هو أمر طبيعي و ليس مختص بالإختلاف بين الشيعة و السنة فقط. فبين علماء الحنفية أنفسهم يوجد آلاف الإختلافات. و بين علماء الشافعية فإن الأمر كذلك و بين علماء الشيعة أيضاً. أو ليس في الشيعة اختلاف فقهي؟ و هل جميع فقهاء الشيعة جميعهم لديهم فكر واحد؟ و هل لدى مفسري و متكلمي الشيعة رأي واحد؟ و هل لدى أكابر أهل السنة رأي واحد مماثل؟ الموضوع يكمن هنا أن الإختلافات العلمية يجب أن تحل بأسلوب علمي و أخوي بعيدا عن الصراع و الإشتباك.

الوحدة ليس معناها التراجع عن عقائدنا

ليست الوحدة بمعنى أن نتخلى عن عقائدنا. إذا قال شخص أنه ليس بيننا اختلاف و نحن مثل بعضنا البعض تماماً فإنه أما منافق أو جاهل و مرائي. مثل هذه الوحدة ليست ضرورية  ليست ممكنة. يوجد اختلاف في وجهات النظر. الإختلاف في وجهات النظر ليس بالشيء السيء. طبعاً بشرطينك الأول أن تكون الحوارات بشكل أخوي و بأدبيات رحمانية. ثانياً أن يكون البحث علمياً و أن لا يتشعب إلى أمور جانبية. لا يجب الخوض في مثل تلك المواضيع. يجب أن لا تأخذ تلك المناقشات العلمية طابع العامة. في المواضيع الخلافية يجب أن لا يتحدث أي شخص. فالشخص الذي يجب أن يتكلم عليه أن يتحلى بمعرفة أصول البحث و بأخلاقياته أيضاً.

أن لا نصبح سنّة!

المقصود بالوحدة بين الشيعة و السنة ليس أن يجتمع الطرفين و نصبح سنّة! لا، فالشيعة شيعة و السنّي يبقى سنّي أيضاً. بالطبع على أن لا تتحول الإختلافات الفقهية إلى تضاد و تعارض و صراع. أن تكون الأخوة الإجتماعية هي السائدة و ليس العداوة و الحقد. فوحدة المذاهب ليس معناها أن مذهب واحد هو الحق فقط و بقية المذاهب هي باطلة. و ليس المقصود أيضاً أن نأخذ مقداراً من المشتركات و نلغي الإختلافات. و ليس المقصود أن يختلط الإثنان مع بعضهما.

آراء مختلفة حول تقريب المذاهب

هناك عدة أراء مطروحة حول تقريب المذاهب. فهناك رأي «إغلاق المذاهب» بدل «تقريب المذاهب»! يقولون لما لا نضع كافة المذاهب جانباً و جميعنا مسلمون! يعني أن يكون لدينا جميعاً مذهب واحد. إن خطنا ليس إلغاء المذاهب. نعم صحيح أننا جميعاً نريد أن نصبح مسلمين. لكن الموضوع هو كيف يكون المسلم؟

مجموعة أخرى تقول «بكثرة المذاهب» يعني أن يحصل فوضى في المذاهب و كل شخص يقول كل ما يحلو له و أن لا يعارضه أحد. فالموضوع هنا أنه ما هو الشيء الصحيح و ما هو الشيء الخاطيء الذي لم يتم القيام به. نحن لا نقبل هذا الخط أيضاً. هناك خط آخر هو خط «تكفير المذاهب» و نحن لا نقبل هذا أيضاً. إن التكفير هو أكبر مرض أصاب العالم الإسلامي في الوقت الحاضر. نحن نقول «بتقريب المذاهب». يعني في نفس الوقت الذي نحافظ على الإختلافات الفقهية و العلمية نتحاور مع بعضنا بمنتهى الأخوة و المنطق. إننا لن نعدل عن التشيع بأي شكل من الأشكال. طبعاً عن التشيع الصحيح و ليس تشيع الإهانة و الغلو.  نحن لا نريد أن نصبح سنة. نبقى شيعة و بالطبع شيعة نتحلى بالمنطق و الأخلاق.

الوحدة السياسية أم الأساسية؟

إن الوحدة حتى بأنواعها الإصطناعية و الشكلية أفضل بمرات من كل نوع تفرقة. لكننا لسنا بحاجة للتصنع و الشكليات. إذا كان هناك نظرة علمية و منطقية لمصادر الطرفين فإننا سنرى أن الحاجة غير موجودة للتصنع و الشكليات. إن للوحدة جذورها في المذاهب الإسلامية. إذا ذهبنا أبعد من الوحدة العاطفية و السياسية و قمنا بمطالعة منابع الحديث و التفسير و الفقه و الكلام الموجود لدى كلينا بدقة لشاهدنا أن مشتركاتنا كثيرة للغاية و أن وحدتنا ستكون أساسية و ليست سياسية. إن اختلافاتنا هي مجرد اختلافات فقهية و كلامية حيث أن وجودها بين كافة العلماء هو شيء طبيعي. لذلك فإن البحث في موضوع الوحدة ليس مختص بما بعد الثورة الاسلامية. هذه سنة علماء السنة و الشيعة طوال التاريخ. 




المستعمل تعليقات