حمولة ...

في وسط الطريق التفت أحد الأخوين المتدينين و الذي كان سنه أكثر من سننا الى ذلك الأخ السني وقال له : عندي لك سؤال و أرجو منك أن تجيبني عليه بكل صراحة. كان سؤاله على طريقة الصديق مع صديقه, قلت في نفسي اللهم سلم. بدأ الحوار ...... سأله: ما هي مشكلتكم مع أهل البيت ؟؟

حسين كميلي

لو سافرتم بالقطار من طهران الى مشهد في فترة المناسبات الدينية للاحظتم أن المتدينين و رواد المساجد و الحسينيات يمثلون الأغلبية بين المسافرين, في بعض الأحيان تجدون مواكب و قوافل من الزوار تابعة للمساجد و الحسينيات المختلفة.

أذكر أنني سافرت الى مشهد قبل سنتين في مثل تلك الأيام, كان معي في المقصورة أخوان متدينان و أخ من أهل السنة البلوش, و قد صادف وقت انطلاق القطار وقت صلاة العصر حسب مذهبه, فقام بأدائها داخل المقصورة التي كنا فيها.

عادة أثناء السفر يبدأ الحوار شيئا فشيئا و يشرع كل مسافر في التعريف بنفسه و التعرف على رفقاءه في السفر. كما خمنت  فالأخوين كانا من متديني طهران و رواد حسينياتها و كانا يذهبان للزيارة مع موكب كبير من الزوار, أما الأخ الثالث فقد كان من أهل السنة البلوش, وقد سكن مشهد لتوه. في وسط الطريق التفت أحد الأخوين المتدينين و الذي كان سنه أكثر من سننا الى ذلك الأخ السني وقال له :" عندي لك سؤال و أرجو منك أن تجيبني عليه بكل صراحة". كان سؤاله على طريقة الصديق مع صديقه, قلت في نفسي "اللهم سلم". بدأ الحوار ...... سأله:" ما هي مشكلتكم مع أهل البيت ؟؟".

ما ان قال ذلك حتى قلت في نفسي:" أنظر كم هو مقصر اعلامنا في التعريف الصحيح بعقائد أهل السنة في ايران و اطلاع الناس على واقعهم المعاش حتى صاروا يأخذون ذلك من الاعلام الأجنبي و صارت أسئلة كهذه تدور في أذهانهم" . لقد أزعج هذا السؤال الأخ السني كثيرا و جعل حاله ينقلب بشدة, لكنه تمالك نفسه و أجاب:" ما هذا السؤال يا أخي؟؟ عن أي مشكلة تتحدث؟؟ نحن نعتقد أن عليا هو حيدر الكرار, صاحب رسول الله-ص-, نحن نسمي أبنائنا *أمير علي*, والدي اسمه *أمير علي*." و واصل أخونا السنة احتجاجه على كلام الشيعي الذي كان تعجبه يزداد أكثر فأكثر, و ربما كان تصديقه لذلك صعب جدا.

تذكرت حينها مواقف مشابهة لأصدقائي في المساجد و الهيئات المختلفة , لقد كان ذكر مسائل من قبيل ما ذكره الأخ البلوشي مثيرا لدهشتهم و غير قابل للتصديق. لقد كانوا يتعجبون لما كنت أخبرهم أنه خلال  فترة دراستي في سيستان و بلوشستان كانت تأتي طلبات كثيرة من أجل المشاركة في برامج زيارة الامام الرضا-ع- من طرف طلاب الجامعة من أهل السنة في بلوشستان و بندر عباس و كلستان و آذربيجان الغربية. يعني حقيقة أن معلومات عامة الشيعة حول أهل السنة و عقائدهم قليلة جدا.....

أكثر من ذلك, كنت أقول لهم أن تسمية الأبناء عندهم بأسماء أهل البيت(ع) -كما قال ذلك الأخ البلوشي في القطار- رائجة جدا و قلت لهم أنه كان لي جار سني في زاهدان له بنات أسمائهن –زينب-, -فاطمة-, -زهراء- و ان هذا الأمر ملحوظ كثيرا عند الأسر هناك.

ان سكان المناطق المختلطة (سنة-شيعة) تربطهم علاقات و أواصر اجتماعية واسعة و جد محكمة لا تترك مجالا لرواج هذه الأفكار الخاطئة أساسا, فنجد هناك أسرا مشكلة من والدين مختلفين في المذهب, بل و من أولاد يتبعون مذاهب متعددة......

علينا أن نعرف أنه ليس دائما ما يدفع الجهل و قلة الاطلاع بالنقاش و الحوار فحسب, وكثيرا ما يصير الجهل فرصة للأعداء حتى ينفذوا مخططاتهم المشؤومة و يؤججوا نار الفتنة و يوسعوا الهوة ما بين المسلمين, و قد يبتلى كثير منا و من أتباع مذهبنا و بعنوان الالتزام الديني و أداء التكليف بمساعدة العدو في انجاح  مشروعه.

ان أسلوب الأعداء الأساسي للتفرقة ما بين المسلمين  يتمثل في مضاعفة تعداد المجموعات المتطرفة في كل مذهب, و اضفاء صبغة -الممثل الأساسي لأتباع ذلك المذهب- عليها رغم أقليتها. لذا على كل فرد من أتباع أي مذهب أن يواجه هذا المخطط المشؤوم. 




المستعمل تعليقات