حمولة ...

هذه المجموعة من أهل السنة (بريلونان) هم صوفيوا المسلك، في السابق لم يكن هناك أية مشكلة بينهم و بين الشيعة و كانوا يعيشون إلي جانب بعضهم العض. كان عدد الوهابيين قليل جداٌ هناك لكن وللأسف هناك سلسلة من أعمال الشيعة مثل اللعن العلني و أمثال ذلك قد أدت إلي ابتعاد الكثير منهم عن الشيعة بل و أصبحوا وهابيين والتحقوا بجيش الصحابة التكفيري!

كاتشو نوازش علي خان من طلاب حوزة قم العلمية. تحدثنا معه عن أسلوب إقامة أهل السنة لمراسم العزاءفي باكستان. ثم وصل بنا الحديث إلي كيفية مساهمة التيارات الشيعية المنحرفة والمتطرفة و أموال السعودية في زيادة عدد الوهابية في باكستان.

-سيد نوازش هل لدي أهل السنة في باكستان مراسم خاصة في شهر محرم و تخليد ذكري شهداء كربلاء و هل يعتقدون أصلاً بطقوس عزاء أبا عبدالله الحسين(ع)؟

قال رسول الله (ص) ان الحسين مصباح الهدي و سفينة النجاة. جميع المسلمين لديهم محبة خاصة لأهل البيت خاصة الإمام الحسين عليه السلام. تعتبر باكستان بعد أندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان حيث تضم حوالي 180 مليون مسلم غالبيتهم من أهل السنة. معظم أهل السنة الباكستانيين هم حنفيون من الناحية الفقهية. بعضهم أيضاً أهل حديث و حنابلة. يقسم الحنفيون أنفسهم إلي مجموعتين البريلونان و الديوبندية. الديوبندية هم سلفيون من الناحية العقائدية و البريلونان صوفيوا المسلك من حيث العقيدة. معظم أهل السنة في باكستان هم بريلونان يعني صوفيوا المسلك. هذه المجموعة تشمل حوالي 140 مليون شخص من عدد سكان باكستان كما أنهم يكنّون محبة خاصة لأهل البيت و خاصة الإمام الحسين (ع). هذه المجموعة لديها عزاؤها الخاص. يجتمعون في الأديرة و المساجد و يأتي عالم ليتحدث عن فضائل شهداء كربلاء. وفي يوم عاشوراء أيضاً يحضرون العصائر للشيعة الذين يعزّون ويشاركونهم في العزاء.

قلت أن علماء أهل السنة يخطبون للناس فما هي المواضيع التي تدور حولها خطبهم وما الذي يقولونه للناس؟

سأحضر لك مثال من كلام العلامة طاهر القادري أحد خطباء باكستان المعروفين وهو أكبر عالم مفكر لدي البريلونان. لديه خطبة حول الإمام الحسين عليه السلام بعنوان «سرّ الشهادتين». يقول العلّامة القادري في هذه الخطبة أن حياة رسول الله (ص) هي أسوة ونموذج لكل الناس، فرسول الله هو أسوة للأنبياء والصدّيقين و الشهداء والصالحين. ننظر إلي حياة رسول الله (ص) فنري أنه لم يستشهد. فكيف يمكن أن يصبح أسوة و قدوة للشهداء؟ ثم يتابع أن رسول الله (ص) قد قال الحسن مني و أنا من الحسن و كذلك الحسين مني وأنا من الحسين! ثم يفتح العلّامة في هذا القسم مواضيع مثيرة مبنية علي أن الشهادة علي قسمين، شهادة سرية وشهادة جهرية. في الشهادة السريِّة لا يكون هناك أية علامة ومؤشر للجرح علي جسد الشهيد مثلاً يسمّون الشخص والناس لا يعلمون أن هذا الشخص قد استشهد أم لا! لكن في الشهادة الجهرية يتم توجيه ضربة للشخص مثلاٌ

يقتل بالسكين أو بالرصاص و توجد علي جسده أثار ذلك. ثم تابع أنه في حرب خيبر قامت سيدة يهودية بتقديم السم لرسول الله (ص) لكن الرسول(ص) لم يستشهد بذلك السم. وفي معركة أحد أصيب الرسول(ص) أيضاً لكنه لم يستشهد علي أثر تلك الجراحات. يعني كلا نوعي الشهادة قد بدأت في فترة حياة الرسول(ص)، فالشهادة السرّية بدأت في حرب خيبر و بوجود رسول الله(ص) واكتملت في الإمام الحسن المجتبي. لأن الإمام الحسن(ع) استشهد بالسم كما أن الشهادة العلنية قد بدأت في معركة أحد و بوجود الرسول (ص) و اكتملت في كربلاء بشهادة الإمام الحسين(ع). في الواقع يقوم العلّامة في هذا البحث بتفسير عبارة الحسن والحسين مني للمستمعين و بواسطة ذلك يذكر فضائل كثيرة للأئمة عليهم السلام.

ما هي المراسم الخاصة التي يقيمها أهل السنة في يوم عاشوراء؟
في إحدي مدن البنجاب تقام مراسم خاصة في يوم عاشوراء منذ حوالي 400 عام مضت. في ذلك اليوم يتم تشييع 140 تابوت رمزي 100 تابوت لأهل السنة و 40 منها للشيعة (لكن لا أعلم السبب لماذا عددها 140). في هذا اليوم يكون لدي أهل السّنة حداد و عزاء. لكن مراسم الدوران بالتابوت تقام بشكل مشترك بين الشيعة والسنة. عندما يقومون بالدوران بتلك التوابيت في الشوارع يجتمع الناس حولها و يقبّلونها بنيّة التبرّك و يبكون. تماماً كحال الشعب الإيراني في حرم الأئمة. يعني جميع الأشياء التي يتم استخدامها علي شكل رمز في مراسم العزاء مقدسة بين الناس حتي العلم و الحصان الذي هو رمز لذو الجناح. لكن مثلاً أنا شاهدت في إيران أن الراية التي يحضرونها لعزاء الإمام الحسين (ع) ليست مقدسة بالنسبة للناس. و من هذه الجهة هناك اختلاف بين احترام الرموز في عزاء الإيرانيين و الباكستانيين. لدي البريلونان أديرة حيث يجتمعون فيها و في المساجد منذ اليوم الأول لمحرّم. يقرأون المصيبة و يبكون. تقريباً كل شيء في عزائهم مشترك مع الشيعة باستثناء اللطم. لأنه ليس لديهم لطم. حتي في المدن التي فيها غالبية سنية عندما يقوم الشيعة بمراسم العزاء فإن أهل السنّة يشاركون فيهاو يقومون بخدمة المعزّين الشيعة ويقومون بضيافتهم و تقديم العصائر والطعام النذري لهم.

هل تتم تلك النذورات والضيافة علي نية نذر للإمام الحسين(ع)؟

نعم هنا مقولة مشهورة تحت عنوان «نذر الله حاجة الحسين». يعني عندما يقدم الطعام يقول «نذر الله حاجة الحسين». حتي أن الكثيرين ينذرون أنه إذا تحققت حاجتهم فإنهم سيطهون طعام محرم لعام أو لعدة أعوام و يوزعونه من أجل الإمام الحسين(ع). لقد سألت بعضهم فقالوا لي أن حاجتنا تتحقق بهذه الطريقة.

هل لدي أهل السنة والشيعة مراسم مشتركة في محرم غير مراسم الدوران بالتابوت؟

في السابق كانت معظم المراسم تقريباً مشتركة بين البريلونان و الشيعة في باكستان. لكن في الوقت الحالي حيث اشتعلت الطائفية في باكستان ابتعدوا عن بعضهما نوعاً ما. هناك أسباب ساهمت في ذلك مثل المتطرفين الشيعة الذين يسيئون للخلفاء و يثيرون حساسية أهل السنة و هذه الأحداث قد تسببت في أن لا يشارك أهل السنة الذين كانوا يشاركون بكثرة في مراسم عزاء الشيعة في الحسينيات بتلك المراسم. لكن مازال الجميع يأتون في يوم عاشوراء و يحاولون خدمة المعزّين. في السابق و في جميع المراسم التي كنا نذهب إليها كان معظم البريلونان يأتون، يعني كانوا يشاركون بكثرة و بأعداد كبيرة في مراسم الشيعة لكن الأن وللأسف فإن سلسلة من الأعمال الطائفية والدينية التي يقوم بها الطرفين قد قللت من تلك المشاركات.

قراءة مراسم العزاء من قبل طارق جميل زعيم جماعة الدعوة الباكستانية» (تحميل  دانلود »

 

يعني أنهم لا يشاركون في مراسم الشيعة؟ أم أنهم لم يعودوا يقيمون مراسم؟

مازال البريلونان يقيمون المراسم لكنهم لا يشاركون كثيراٌ في مجالس الشيعة. يأتي إلي مراسمهم شخص باسم «قاريء النعت» (نفس المدّاح) و يقرأ المدائح في شأن الإمام الحسين (ع). من المداحين المعروفين في باكستان «أويس القادري». بالطبع إلي جانب جميع الأحداث السيئة والطائفية فإن حدثاً جيداً فيما يتعلق بعزاء الإمام الحسين(ع) قد حدث في باكستان هو أنهم قد نشروا اسم حسين في «جماعة الدعوة». ربما يمكن القول بجرأة أن «جماعة الدعوة الباكستانية» هي أكبر جماعة دعوية في العالم. حوالي 4 مليون عضو فيها و مقرها مدينة لاهور. رئيس هذه الجماعة هو السيد «طارق جميل» من مجموعة الديوبندية السلفية. كما قلت سابقاً فقد جرت العادة أن يقيم البريلونان فقط من أهل السنة في باكستان مراسم العزاء لكن في السنوات الأخيرة بدأ السيد طارق جميل في محرم وصفر بتعداد فضائل أهل البيت عليهم السلام و حتي أنني تعجبت لأنه يقرأ المقتل أيضاً و الناس يبكون. هذا في الوقت الذي يعتبر فيها الديوبندية أن مراسم الحداد و العزاء هي بدعة. لكن جماعة الدعوة الذين معظمهم من الديوبندية فإنهم يحاولون العمل أبعد من الطائفة و الدين. يعني لا يقولون نحن ديوبندي أو بريلونان بل يقولون نحن مسلمون وإذا قلت لهم أنتم ديوبندية فإنهم لا يقبلون و يقولون كما كان الرسول (ص) مسلماً فنحن مسلمون أيضاً. هذا الأمر جعلهم مختلفين قليلاً في عقائدهم عن الديوبندية. طارق جميل نفسه من أنصار وحدة الشيعة و السنة و قد تحدث كثيراً للشيعة والسنة حول هذا الأمر. من جهة أخري لديه كلام كثير حول فضائل و مصائب أهل البيت عليهم السلام.

هل المصائب التي يقرأها أهل السنة هي بنفس الشكل والظاهر الذي يقرأ و يمدح به الشيعة؟

ليس لدي أهل السنة نوحة و مديح. لديهم «النعت». مثلاً نعت رسول الله (ص) أو نعت الإمام الحسين (ع) حيث يبيّنون الفضائل في ذلك النعت. فمثلاً يبينون أي شخص كان الإمام الحسين(ع)  و أين و كيف استشهد و معلومات من هذا القبيل. إن ثقافة النعت ليست شيئاٌ جديداً بين أهل السنة، إذا دققت في أشعار إقبال لاهوري فإنك ستشاهد فيها أمثلة كثيرة من تلك النعوت حيث ذُكر فيها الكثير من فضائل أهل البيت عليهم السلام. حتي أن قائد الثورة الإسلامية الإيرانية قد قال في هذا المجال أنه لا يوجد شاعر شيعي قد قال شعراً فلسفياً و عميقاً في أهل البيت عليهم السلام كما قال إقبال لاهوري الذي كان من أهل السنة. أو جشتي أجميري الذي كان من كبار الصوفية حيث قال أشعار كثيرة في وصف أهل البيت وحتي في اللغة الفارسية. إن أشعار هؤلاء الشعراء والأشعار التي يضيفها قارؤوا النعت أنفسهم تتم قراءتها في مراسم و مجالس شهر محرم.

هل من علماء السنّة هناك شخص خاص يقوم بنشاطات خاصة في شهر محرم؟

أول شخص من العلماء »طاهر القادري» الذي قلت أنه كان له تأثير كبير في هذا المجال. كان يقيم مراسم كبيرة وخاصة في شهري محرم و صفرحيث كان العديد من أهل السنة يشاركون في تلك المراسم. الثاني حزب البريلونان الكبير الذي يترأسه «حامد رضا». فبالإضافة إلي أنه كان من الخطباء الكبار في مجالس أهل السنة فقد كان يشارك في مجالس الشيعة أيضاً. حتي كبار الخطباء مثل «أصغر درس» ومع أنه كان من أهل السنة و من البريلونان إلا أنه كان يخطب في مجالس الشيعة كما كان الشيعة يحبونه كثيراً.

باعتبارك شخص شيعي و كنت بين أهل السنة فهل يوجد حالة خاصة تجعلك تشعر بالقلق تجاهها؟

نعم، انظر هذه المجموعة من أهل السنة «البريلونان» الذين تحدثت عنهم و قلت أنهم صوفيي المسلك لك يكن لديهم في السابق أية مشكلة مع الشيعة وكانوا يعيشون مع بعضهم. كان عدد الوهابيين قليل جداٌ هناك لكن وللأسف هناك سلسلة من أعمال الشيعة مثل اللعن العلني و أمثال ذلك قد أدت لابتعاد الكثير منهم عن الشيعة بل و أصبحوا وهابيين والتحقوا بجيش الصحابة التكفيري! ومن جهة أخري فإن أموال السعودية كانت مؤثرة جداً في نشر الوهابية. أساس عمل جيش الصحابة هو قتل الشيعة بسبب إساءتهم و لعنهم للصحابة وأمهات المؤمنين. فالبريلونان كما يقبلون أهل البيت فإنهم يقبلون الصحابة وأمهات المؤمنين أيضاً. تعالوا لنضع أنفسنا مكانهم، إذا قام شخص بالإساءة للزهراء (س) فماذا سيحل بنا! هل سنتحمل ذلك؟ أم أننا سنقوم بذلك العمل الذي يقوم به شخص سنّي غندما نسيء إلي أمهات المؤمنين؟ يعني إن عمل الشيعة هذا لم يؤدي إلي انخفاض عددهم المشارك في مجالس العزاء بل إن العديد منهم قد انضم إلي الوهابية. الآن تم إطلاق قناة من قبل التشيع الإنكليزي بلغة الأردو باسم الخديجة حيث  تتّبع تأجيج النار الطائفية أكثر من ذي قبل.

ترجمة: د.كامل سماعيل

 




المستعمل تعليقات