حمولة ...

في المدن التي يوجد فيها شيعة و سنة إلي جانب بعضهم فإن أفضل حل إلي جانب مساجد الشيعة والسنة إيجاد مسجد مشترك يكون فيه الشيعة والسنة إلي جانب بعضهم بحيث يحصل بينهم تبادل فكري و مناقشات علمية. نشاهد أحياناً أن شيعي و سنّي في مدينة ما ليس بينهم أي تعامل أو زيارات متبادلة ولا مباحثات فكرية أو أنهم في المناسبات الدينية و بناءاً علي توصيات أهل البيت عليهم السلام يحضرون في مساجد بعضهم البعض و هذا الأمر يؤدي إلي إزالة سوء الفهم و تقارب الأشخاص من بعضهم. ليكن لديهم برامج مشتركة لختم القرآن أو برامج عبادية مشتركة في شهر رمضان فهي فرصة جيدة.

يجب اعتبار حجة الإسلام والمسلمين مهدي مسائلي واحد من أنشط الطلاب في مجال الوحدة الاسلامية حيث تناول في كتبه التطبيقية والثاقبة علي اعتباره مدافع بصير، شرح الأسس العقائدية للشيعة و سيرة أهل البيت عليهم السلام في سياق موضوع الوحدة الإسلامية الهام. من أهم جهوده النظريةكتب «التاسع من ربيع، الجهل والخسائر»، «أئمة الشيعة، روّاد الوحدة» و «اللعن غير المقدس».

 

على مرّ التاريخ، هل كان أهل البيت عليهم السلام يفصلون مساجد أهل السنة والشيعة عن بعضها أم لا؟ أم هل كان هناك عائق في الأساس يمنع وجود هذين مع بعضهما أم لا؟

إذا نظرت إلي صدر الاسلام ستجد أن المساجد كانت واحدة كما أنها كانت واحدة علي طول التاريخ لأن الشيعة كانوا أقلية، حتي في أي مدينة لم يكن الشيعة أكثرية كما أن الحكّام كانوا من أهل السنّة حتي في عصر أهل البيت(ع) أيضاٌ لا نري أن الشيعة كان لديهم مسجداً. بالتدريج وبعد أن أصبح للشيعة حضوراً بارزاً في العالم الإسلامي قاموا في بعض المنأيق و المدن ببناء مساجد لهم مثلاً في فترة الغيبة الصغري كان مسجد براسا خاص بالشيعة كما كان حضورهم يبدو أكثر فيه لكنّ المسجد في الإسلام كان مؤسسة عامة كما أن جميع الأفكار و المذاهب كانت موجودة في المسجد كما كانوا يقومون بمباحثات فكرية بعد ذلك أصبح للشيعة تواجد أكبر في المدن عندها ظهرت أكثرية شيعية و أصبح لهم مساجد خاصة.

لم يكن اتّساع الشيعة بحيث أنهم قادرون علي إيجاد مسجد للشيعة و في عصر الغيبة الصغري و الغيبة الكبري و مع ازدياد الشيعة أكثر قاموا ببناء مساجد لأنفسهم. كما أن أهل البيت أنفسهم كانوا يذهبون إلي مساجد أهل السنة. كانوا يذهبون و يشاركون في جمعتهم و جماعتهم حتي أنهم كانوا يوصون أتباعهم في الأماكن التي كانوا فيها أقلية بالذهاب إلي مساجد أهل السنة ليظهروا بهذه الطريقة عدم تعصب الشيعة.

الآن و نظراً لظروف اليوم حيث لدي الشيعة والسنة مساجد منفصلة ما هي الفرص الموجودة للوحدة؟

يكون المسجد شيعي أو سنّي بحسب إمام جماعته وخطيب المسجد و المصلّين فإذا كان إمام جماعته شيعياً سيكون معظم المصلّين فيه شيعة. لذلك يمكن دراسة موضوع الوحدة من جانبين: الأول المدن التي يوجد فيها السنّة والشيعة إلي جانب بعضهم و لدي كلّ من الشيعة و السنة مساجد منفصلة والثاني المدن التي يسكنها الشيعة و جميع مساجدها شيعة وليس فيها أكثر من مسجد أو مسجدين للسنة. ففي المدن التي يوجد فيها شيعة وسنّة إلي جانب بعضهم يكون للمساجد نقأي أكثر أهمية. في مساجد الشيعة و السنة يجب مراعاة وجود أهل السنة أو الشيعة. أن يتعرفوا علي أفكار و عقائد بعضهم كيلا تحدث إساءة أو استهزاء أو قلة أدب تجاه المقدسات. اليوم في كردستان نري في مساجد أهل السنة تُرب من أجل صلاة الشيعة. يجب أن ينتبه المصلّون إلي أنّ صلاة الشيعة و السنة بناءاً علي قضاياهم الفقهية والدينية هي صلاة صحيحة ولا يمكن الطعن بها. كما ينبغي علي رجال الدين في تلك المساجد أن يوجّهو المصلين إلي أن لا يلحقوا بموضوع الوحدة أي ضرر وإذا أقيمت الشعائر الدينية أن لا يسيئوا لعقائد بعضهم البعض.

يجب التدقيق أن هناك فرق بين إظهار الشعائر الدينية و بين الإساءة للمذاهب الأخري. إن القيام بالتكاليف الدينية للشيعة والسنة والقيام بشعائرهم الدينية بعيداة عن الإساءة والتعرّض للمذاهب الأخري. إن مضمون كل دين و مذهب واضح وصريح ولا أحد لديه مشكلة مع ذلك لكن شكل تقديم هذا المضمون وإظهاره يجب أن يكون بشكل دقيق وبمزيد من التأمل بحيث لا يضرّ بالوحدة.

اليوم إذا أراد أفراد المسجد مثل إمام الجماعة القيام بخطوات عملية فماذا عليهم أن يفعلوا ومن أن يجب أن يبدأوا؟

إذا كنا نعرف مسجداً بالتطرف و كان مشهوراً بذلك و هو مضرّ للغاية فإن المشكلة الأساسية في إمام الجماعة و خطيب المسجد حيث يجب توجيههم  أن نوجهه هو و المصلين نحو قضية الوحدة خاصة بعض أئمة جماعة المناطق السنّية ليس لديهم أي مبرر أو أنهم غير مطلعين علي سيرة أهل البيت عليهم السلام في هذه القضية وهذا من الممكن أن يجعل المأمورين يعانون من انحراف فكري. في المناطق الحساسة يجب الدقة في اختيار إمام الجماعة وكذلك التأمل والدقة الفائقة في توجيههم كما أنّ للمراكز الثقافية للمسجد مثل المراكز الثقافية الفنية و هيئة أمناء المسجد دور هام لكنّ الأولوية مع إمام الجماعة.

من أجل طرح موضوع الوحدة الإسلامية هناك مقدمات ضرورية، يجب علينا أولاٌ أن نكون خبيرين بعقيدة و مدرسة أهل البيت عليهم السلام وأن لا نطرح موضوع الوحدة كشعار. يوجد في مدرسة أهل البيت(ع) مضامين كثيرة من أجل الوحدة الإسلامية والآداب والأعمال التي يجب أن نراعيها في موضوع الوحدة الإسلامية. مثلاً تقية المداراة أو التقية المطلقة الموجودة في كلام أهل البيت(ع). إذا قمنا بطرح قضايا من عندنا أو تحدثنا عن قضايا اليوم فقط فقد تبقي نفس الشعارات الموجودة وهذا الأمر سيؤدي إلي الحساسية بين المأمومين. يجب أن نعطي للوحدة الإسلامية عمقاً و أن نستخرج مواضيع و أوامر مذهب الشيعة من أهل البيت و نقدمه للجمهور و ضمن ذلك نؤكد علي عقائد و أصول مذهب الشيعة و نصرّح بذلك. إذا لم نذكر إلي جانب قضية الوحدة شرح عقائد الشيعة فمن الممكن أن يظن المخاطب أننا نطرح قضية الوحدة هذه بشكل خاطيء. قبل القيام بأي عمل يجب أن نشرح في البداية الأسس الفكرية والنظرية للوحدة الإسلامية وأن نعرض أموراً للمصلّين حتي يمكن الذهاب إلي صلاة جماعة أهل السنة أو احترام و مراعاة حضورهم في المسجد.

هل لدينا أمثلة ناجحة عن المساجد طوال التاريخ أو في الوقت الحاضر حول موضوع الوحدة؟

إذا قمنا بدراسة المساجد سنجد أن المسجد الحرام أو مسجد النبي لم تكن مساجد بعنوان مسجد لفرقة أو مجموعة خاصة؛ فجميع الناس كانت تتواجد فيها بالطبع يمكن للوهابية أن تطرح قضايا ضد الوحدة، إن السلوك الذي يجب أن نمتلكه هنا و يصرّح به علماؤنا هو أن لا تكون تصرفات الشيعة سبب لخلق الحساسية والإختلاف. مثل هذه القضايا يجب أن يتم طرحها في مساجدنا أيضاً وأن نلتزم بها خاصة في المدن التي يعيش فيها الشيعة والسنة إلي جانب بعضهم بعض فيجب أن نراعيها. المثال الجيد علي ذلك يمكن أن نشاهده في زمن الشيخ المفيد أو الشيخ الطوسي في بغداد. في بغداد كان الشيعة والسنة بجانب بعضهم. بالطيع كان هناك مجموعات تشوّش علي قضية الوحدة لكنّ علماء كبار مثل السيد المرتضي أو السيد الرضي و الشيخ المفيد والشيخ الطوسي كانوا يحمون الوحدة بين الشيعة والسنة. مثل مسجد براسا الذي كان موجوداً كما أن الحكومة قد سمحت للشيعة بإقامة شعائرهم ومناسباتهم الدينية. اليوم أيضاً في بلادنا وبسبب الثورة الإسلامية و حتي قبل التفكير العقائدي العلمي الذي كان و مازال موجوداً فإننا نري في محافظة كلستان كيف الشيعة والسنة يعيشون قرب بعضهم و يحترمون بعضهم البعض كما أننا نشاهد الوحدة بينهم في المناطق المختلفة من محافظة كلستان فالشيعة و السنة يشاركون إلي جانب بعضهم البعض في صلاة الجماعة و يحترمون بعضهم.

ما هي مقترحاتك  الإيجابية و السبل العلمية من أجل الوحدة؟

في المدن التي يوجد فيها شيعة و سنة إلي جانب بعضهم فإن أفضل حل إلي جانب مساجد الشيعة والسنة إيجاد مسجد مشترك يكون فيه الشيعة والسنة إلي جانب بعضهم بحيث يحصل بينهم تبادل فكري و مناقشات علمية. نشاهد أحياناً أن شيعي و سنّي في مدينة ما ليس بينهم أي تعامل أو زيارات متبادلة ولا مباحثات فكرية أو أنهم في المناسبات الدينية و بناءاً علي توصيات أهل البيت عليهم السلام يحضرون في مساجد بعضهم البعض و هذا الأمر يؤدي إلي إزالة سوء الفهم و تقارب الأشخاص من بعضهم. ليكن لديهم برامج مشتركة لختم القرآن أو برامج عبادية مشتركة في شهر رمضان فهي فرصة جيدة.

ترجمة: د.كامل اسماعيل

 

 




المستعمل تعليقات