حمولة ...

قبل خمسين ستين عام مضت كان أهالي البلوش يطلقون علي شهر محرم اسم «يا حسيني» ولم يكونوا يقولون شهر محرم. السبب في أنهم كانوا يسمون شهر محرم «يا حسيني» هو أنهم أحبوا الإمام الحسين و بسبب هذه المحبة كانوا يعتبرون أن محرّم هو شهر الإمام الحسين. جميع أهل السنة البلوش يحبون الحسين(ع). إنهم في أيام شهادته يقرأون له القرآن و يصلّون ويصومون و حتي في بعض السنوات يقدمون الأضاحي للإمام الحسين(ع) ويهبون الخيرات. نحن خلال كل تلك السنوات خصصنا خطب صلاة الجمعة عدة مرات لأهل بيت رسول الله وسيدنا علي والسيدة فاطمة و الإمام الحسن والحسين(ع) و خاصة في خطبة محرم حيث نتحدث عن الإمام الحسين وفضائله.

 بناءاً علي تقرير مراسلنا فإنه قام بتغيير موعد اللقاء عدة مرات مع سماحة المولوي وحيدي حتي اقترح هو أول جمعة في شهر محرم. السبب في ذلك هو أنه يخصص دائماً خطبة الجمعة الأولي من شهر محرم للإمام الحسين (ع) و بالتأكيد فإنه يكون لديه الإستعداد اللازم للقيام بحوار حول موضوع الإمام الحسين(ع) و حادثة عاشوراء.

من المثير حقاً للكثيرين ممن لديهم معرفة بظروف أهل السنة و احترامهم لأهل البيت عليهم السلام أن يعلموا أن أهل السنّة يخصصون طوال العام عدة خطب لأهل بيت رسول الله. ومع هذا كله فلازال هناك الكثيرون ممن ليس لديهم اطلاع علي احترام أهل السنة لأهل البيت وعدم المعرفة تلك ينتج عنها مشاكل وخلافات كثيرة.

مولوي عبدالله وحيدي فر إمام جمعة أهل السنة في مدينة نيكشهر وهي إحدي مدن جنوب محافظة سيستان وبلوشستان. اجتاز دروسه الدينية والحوزوية في الحوزة العلمية لأهل السنة في باكستان ثم عاد عام 1971 من باكستان إلي إيران وأصبح إمام جمعة كما أنه إمام جمعة أهل السنة في مدينة نيكشهر منذ 44 عام وإلي جانب كونه إمام جمعة فهو مدير وأستاذ الحوزة العلمية لأهل السنة في نيكشهر أيضاً.

 

سيد مولوي شاهدنا دائماً ارتباط أهل السنة مع الثورة، الثورة التي استُلهمت من ثورة الإمام الحسين عليه السلام. بداية اشرح لنا ما هو سبب هذا الإرتباط ثم أخبرنا عن رأي أهل السنة في الإمام الحسين عليه السلام؟

السبب الأسايسي في ارتباط أهل السنة هو أن الثورة الاسلامية الإيرانية التي وقعت عام 1979 كان شعارها اسلامي. الثورة التي حدثت من أجل إحياء قيم الإسلام والقرأن. كما أن إسلامية تلك الثورة جعلت أهل السنة لا يعتبرون أنفسهم منفصلين عن تلك الثورة. كذك فإن الإمام الخميني (ره)كان علي رأس الثورة الإيرانية وهو شخصية دينية وإسلامية بالكامل. من أجل هذه الإسلامية والدينية التي تحلت بها الثورة ارتبط مجتمع أهل السنة بهذه الثورة و منذ البداية حتي الآن كانوا متناغمين فكرياً.

وفيما يخص الإمام الحسين رضي الله عنه عند أهل السنة فعلينا أن نقول أن ما سمعناه عن لسان الرسول صلي الله عليه وسلم و مع تلك الأخبار التي قد وصلت إلينا اليوم فإنهم يعتبرون الإمام الحسين رضي الله تعالي عنه ابن و حفيد رسول الله صلي الله عليه وسلم كما أنهم يحبونه.

كما كان تأكيد الرسول هو أنني أحب الإمام الحسين فأحبوه أنتم أيضاً. كما أن الله يحب الشخص الذي يحب الحسين. لدينا في أحاديثنا أيضاً أن رسول الإسلام كان ذات يوم في منزل أم سلمه و هو مشغول بالحديث مع جبرائيل وكان قد قال لأم سلمه أن لا تسمح لأحد بالدخول. تقول أم سلمه أن الحسين كان طفلاً وقتها وقد دخل وهو يبكي وكان رسول الله صلي الله عليه و سلم  قد أوصاني أن لا تسمحي أبداٌ أن يبكي الحسين ولكي يسكت الحسين سمحت له أن يدخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فدخل و جلس في حضن رسول الله صلي الله عليه وسلم.

في ذلك الوقت شاهد جبرائيل الإمام الحسين فقال لرسول الله إن أمتك ستقتل ابنك في المستقبل. فسأل الرسول؛ يقتلوه و هم مؤمنون؟ فقال جبرائيل نعم، وفي هذا الوقت أري جيريل تراب كربلاء للرسول. مثل هذه الأحاديث التي تتحدث عن فضائل الإمام الحسين كثيرة جداً في مصادرنا.

هل أهل السنة في إيران يعرفون الإمام الحسين عليه السلام و يحبونه  بحكم أن إيران دولة شيعية أم أن هناك دليل آخر؟

لا، أهل السنّة في العالم أجمع يعرفون الإمام الحسين و يحبونه. كل شخص يعرف القرأن و رسول الإسلام فهو يعرف الإمام الحسين بشكل كامل كما أنهم يحبونه ويحترمونه غاية المحبة.

باستثناء الخوارج الذين لا يحبون أهل البيت و نحن لا نعتبرهم من أهل السنة. قبل خمسين أو ستين عام كان أهالي البلوش يسمون شهر محرم شهر «يا حسين» ولا يسمونه شهر محرم.

السبب في أنهم يسمون شهر محرم بشهر «يا حسين» هو أنهم يحبون الإمام الحسين و بسبب هذه المحبة يطلقون علي محرم شهر الإمام الحسين. جميع أهل السنة البلوش يحبون الإمام الحسين. إنهم يقرأون له القرآن في أيام شهادته و يصلّون لأجله و يصومون حتي أن بعض العامة يقدمون الأضاحي للإمام الحسين (ع)و يتصدقون. إننا طوال العام نخصص عدة خطب في صلاة الجمعة لأهل بيت رسول الله و لسيدنا علي و السيدة فاطمة والإمام الحسن والإمام الحسين وخاصة في خطبة محرم فإننا نتحدث عن الإمام الحسين و فضائله.

رأي السيد قطب حول يزيد (دانلود)

يولي أهل السنة مكانة خاصة لخليفة رسول الله كما أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام في ذلك الوقت كانت ضد جهاز الخلافة و الحكومة، بهذا الوصف ما هو رأيك حول نهضة وثورة الإمام الحسين عليه السلام؟

بناءاً علي الأحاديث الموجودة لدينا فإننا نعتقد أن الخلافة التي عناها رسول الله(ص) و وافق عليها كانت حتي ثلاثين عام كما أن الرسول قد توقع أن الخلافة ستكون علي منهج الكتاب و السنة حتي ثلاثين عام و بعد ذلك ستكون ملكاً و ليست خلافة. هذه السنوات الثلاثين امتدت حتي نهاية الأشهر الستة الأولي من حكومة الإمام الحسن و بعد ذلك تحولت خلافة رسول إلي ملك.

مع هذا الوصف نحن لا نعتبر يزيد خليفة رسول الله لذلك لا نعتبر أن ثورة الإمام الحسين هي ثورة ضد الخليفة بل هي ثورة علي جور و ظلم يزيد. إضافة إلي ذلك فإن يزيد في فترة حكومته قد آذي الكثير من الصحابة. بعد ذلك فهم أهل المدينة أن يزيد غير جدير بالحكومة فلم يقبلوا إمارته وعدم قبول إمارة يزيد كانت السبب وراء حدوث واقعة الحرة المرّة.

كان يزيد يريد أن تقبل إمارته في المدينة من قبل الناس لكن الناس لم يقبلوا بها و واجهوه كما قام يزيد بمهاجمة المدينة و قتل العديد من المسلمين و استشهدوا علي يديه و انقطع الأذان و الصلاة في مسجد رسول الله لمدة ثلاثة أيام كما حدثت أحداث أليمة أخري في المدينة.

 يقول البعض أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت علي قضية شخصية مع يزيد و هذا التقرير  عن ثورة الإمام الحسين عليه السلام ينسبونه إلي أهل السنة، ما هو رأيك في هذا المجال؟

لديّ مطالعاتي الكثيرة في الكتب التاريخية و كتب الحديث و لم أشاهد شيئاً كهذا في كتبنا المعتبرة كما أنني أعتبر إلصاق هذه الأمور بأهل السنة هو أمر خاطيء. فالتقرير الشائع بين أهل السنة عن ثورة الإمام الحسين هو أن الإمام الحسين لم يقبل حكومة وإمارة يزيد بسبب ظلم حكومته وعدم القبول هذا كان ثقيلاً للغاية علي يزيد فتعامل بشدة مع الإمام الحسين ليتسبب باستشهاده.

سيد مولوي، كان هناك دائماً مجموعات عرضة للتطرف بين الشيعة و أهل السنة من أجل تقديم صورة منحرفة عن الإسلام الصحيح حيث تحولوا إلي إداة للعداوة والحقد بين المسلمين، لكن في سيرة أكابر الدين فقد أعلن الأئمة و كذلك الإمام الراحل دائماً علي البراءة من تلك الحركات، حبذا لو أسمع رأيك حول هذا الأمر؟

إن التطرف في كل زمان و مكان وعلي يد أي شخص من الأشخاص هو أمر مرفوض ومذموم و يتسبب في أن نخسر المجتمع الإسلامي الموحد كما أكد عليه الإسلام والقرآن و سنتجه نحو الإنقسام.

لدينا في القرأن الكريم «واعتصوا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا». إننا اليوم في حاجة ماسّة إلي الوحدة والإستقرار لأن التطرف يؤدي إلي سلب هذه الوحدة و الإستقرار من المجتمع الإسلامي.

 إن كل مذهب من المذاهب الإسلامية لديه عقائد محترمة بالنسبة له واليوم علينا أن نفكر بالإسلام كما أن التطرف يقضي علي أصل الإسلام و هو مضرّ بأصل الدين والإسلام. إن اليهود والنصاري اليوم مع أنهم يمتلكون خلافات عقائدية كثيرة إلا أنهم يشكلون صفاً واحداً في وجه المسلمين و يريدون أن يتحكموا بالمسلمين و إذا أردنا أن نثير المواضيع الدينية المتطرفة فإن نتيجة ذلك ستكون روح الإسلام تحت سلطة أعداء الإسلام.

هل لديك كلمة أخيرة؟

لدينا في مصادر الحديث أن الرسول قد قال: «حسين مني و أنا من حسين و أحب الله من أحب حسيناً» دعاء الرسول هذا هو دعاء تاريخي يعني لا يخص زمن الرسول فقط بل اليوم أيضاً كل شخص يحب الإمام الحسين فإنه محبوب رسول الله و سيكون مشمولاً بدعاء خير الرسول(ص)، يجب أن نحب الحسين(ع) و بقية أهل بيت الرسول صلي الله عليه وسلم.

ترجمة: د.كامل سماعيل

 




المستعمل تعليقات