حمولة ...

السبب في أن شعبية الجمهورية الإسلامية قد تدنّت خلال الأعوام الأخيرة علي مستوي العالم الإسلامي يجب البحث عنه في مثل هذه القضايا. إن العامة في العالم الإسلامي غير قادرون علي التمييز بين ياسر الحبيب وآية الله الخامنئي و برأيهم فإن الإثنين «شيعة». لا ذنب لهم في عدم التمييز هذا. لأنهم لم يسمعوا رواية أخري غير هذه الرواية عن الشيعة. نحن الملامون في هذا الأمر لأننا أولاً لم نعرّف الشيعة الأصيلة المنادية بالوحدة و ثانياً أننا لم نوضح جيداً حدودها مع تلك التيارات المنحرفة. ومع ذلك لم نمتلك وسيلة إعلامية وليس لدينا تلك الوسيلة الأن في حال أردنا أن نصحح عقلية المسلمين تجاهنا. هذا النقص يعود إلي عدم وجود نظرة ثقافية إلي العالم الإسلامي حيث نتحمل الآن ضرباته الموجعة.

حامد رضائي

في الأعوام الأخيرة واجه العالم الإسلامي ظاهرة باسم المحطات الفضائية الدينية. محطات وُجد البعض منها بهدف نشر أسس الإسلام، و بعضها الآخر بهدف نشر مذهبها الخاص و الأخري من أجل مواجهة المذاهب الإسلامية الأخري. الطائفة الأخري من المحطات لا يمكن تسميتها «شيعية« أو «سنية». لأن هذه القنوات وقبل أن تكون داعية للتشيع فإنها «محاربة للسنة» و قبل أن تكون داعية للتسنن فإنها «محاربة للشيعة»! يعني في الأساس هوية هذه القنوات أنها تأسست من أجل الحرب مع المذاهب الأخري. لذلك و قبل أن تتناول إيجابيات مذهبها فإنها تقوم برفض ونفي و حتي إهانة و سبّ المذهب المقابل.

معظم القنوات «المحاربة للشيعة» قد تشكلت بنهج وهابي و سلفي. معظم القنوات «المحاربة للسنة» أيضاً قد تشكلت بنهج نطلق عليه اسم «التكفير الشيعي». هذان التياران الإعلاميان يتّسعان بسرعة البرق و بشكل مشبوه أيضاً، و علي الرغم من الإختلافات الظاهرية فإنها مشتركة في معظم القضايا. في الحقيقة هذان التياران هما طرفا كماشة جاءتا لمحاربة شيء واحد: الإسلام المحمدي الأصيل.

معاداة الثورة الإسلامية الإيرانية، محاربة ولاية الفقيه و بالتحديد شخص آية الله الخامنئي، تكفير بقية المسلمين، محاربة العقلانية الإسلامية و الترويج للشكلية، نشر الإسلام العلماني و غير السياسي، الحذر من محاربة الإستكبار و إيجاد حرب داخلية بين المسلمين و في النهاية المواجهة العلنية و العلمية لاتحاد علماء المسلمين هي من أهم المشتركات بين هذين التيارين الإعلاميين. و من لا يعلم أن هذه المكونات هي التي جعلت الإسلام فارغاً من الداخل و ستقضي علي قوة المسلمين في مواجهة الكفار؟ 
 

إلهياري و الحبيب، رافعا راية التشيع!

حسن إلهياري شيخ يسكن في لوس أنجلوس و متأثر بأفكار جمعية حجتية. قال بتاريخ 23 حزيران 2013: «لقد قلت مراراً أن ولاية الفقيه تعني نفس ولاية إبليس. إن 99 بالمائة من علماء الشيعة يعارضون ولاية الفقيه. نحن نعتبر أن ولاية الفقيه منحرفة و حكومة ظالمة و استبدادية و باطلة.»

كما أن لديه إضافة إلي ولاية الفقيه و الثورة الإسلامية مشكلة مع مراجع الشيعة أيضاً. قال إلهياري بتاريخ 9/10/2014: «السبب في انتصار الثورة كان أن الناس لم يكونوا قد شاهدوا من قبل عالماً يحتال علي الناس. لكنهم في هذا العصر قد شاهدوا مكارم و نوري وهم يكذبون.»

كما قام إلهياري في نفس التاريخ بتوجيه إساءة وقحة إلي آية الله مصباح اليزدي فقال: «قال تمساح اليزدي أن إدارة الإمام الخامنئي تشبه المعصوم. كم هو نجس هذا الكافر.»

وخلال الحلقة يتصل أحد المشاهدين بإلهياري ويقول: «في محرم هذا العام نقل أحد تلاميذ آية الله مكارم شيرازي عنه أنه قال ليس صحيحاً ما يقال أن يوم عاشوراء خرجت النساء بشعر أشعث من الخيام لأن أهل البيت لا يفعلون مثل هذا.»

فقال إلهياري في جواب وقح علي هذا الكلام: «ملك السكّر هذا لا يعرف ما يقول.»

بالطبع لا يستنكف إلهياري من التصريح بأنه ليس لديه مشكلة مع اسرائيل! ففي تاريخ 26يوليو2013قال: «أنا لا أتحدث ضد اسرائيل. قبل 60 عام لم تكن اسرائيل موجودة لكن هذه الظلم كان كثير في العالم. هل إذا زالت اسرائيل من الوچود سيصبح العالم حديقة؟ لا. أن كل هذه المخدرات والطلاق و الإختلافات بين الوالدين و الأبناء و ... لا علاقة له باسرائيل.»

كما أن هذه النظرة تنطبق علي أمريكا أيضاً. في تاريخ 3/10/2014 يقول: «لا تصنعوا من أمريكا يزيد. قوموا فقط بتبيين معارف أهل البيت. فمجلس العزاء ليس مجلس الأمن لتبيّنوا هناك القضايا الدولية. هناك قوموا فقط بالمدائح لتبيض وجوهكم لدي الزهراء.»

كما يشكك حسن الهياري بالدفاع المقدس و دماء الشهداء. ففي تاريخ 26/9/2014 تحدث عن حرب إيران والعراق فقال: «معظم جنود صدام كانوا من مدن النجف و كربلاء و البصرة. أنتم باسم أهل البيت في حرب إيران والعراق ذهبتم لحرب محبي أهل البيت. الذين كانوا يُقتلون في الطرف المقابل لكم جميعهم كانوا شيعة أيضاً. أنتم الإيرانيون تحرّشتم بالعراق حتي هاجمت بلادكم. لقد قمتم بفتنة في إيران. صدام أيضاً هاجمكم.»

الطريف أن إلهياري في النهاية قد زعم المرجعية أيضاً !

كما أن ياسر الحبيب، الشيخ الذي يسكن في لندن له مثل هذه الأساليب. لكنه هو الآخر قد نشأ من منشأ فكري آخر حيث يسمي نفسه مقلد «السيد الشيرازي».

كما قام صادق الشيرازي بتأييده أيضاً. فالحبيب لا يعادي فقط آية الله الخامنئي بل إنه يقوم بالإساءة  لكل شخص يعتقد بالوحدة الإسلامية. فآية الله السيستاني، اية الله بهجت، آية الله مكارم الشيرازي هم من بين الأعلام الذين أساء لهم ياسر الحبيب. هو صهر «مجتبي الشيرازي» أخو «صادق الشيرازي» الذي يقوم علناً بلعن أية الله الخامنئي و يكفّر آية الله بهجت. إن بحثاً بسيطاً في الإنترنت يثبت جميع هذه المزاعم.

إن المجيء بهذه الأمثلة عن الإساءات الوقحة التي يوجهها حسن إلهياري و ياسر الحبيب للثورة و مراجع التقليد والشهداء هي فقط من أجل الإضاءة علي نهج أولئك الذين أصبحوا اليوم «رافعي راية التشيع في العالم»!  «حمل راية التشيع» بواسطة أشخاص مثل إلهياري و ياسر الحبيب ليس كلاماً مفرطاً. اليوم يُعرف التشيع في العالم و خاصة في العالم الإسلامي بمثل هؤلاء الأشخاص. «تشيّع» لاذع و بلا منطق يسير يداً بيد مع أمريكا واسرائيل و يدخل الحرب بشكل مباشر مع بقية المسلمين!

هذه القضية لها عدة أدلة: الأول هو أننا لم نستطع حتي الآن تقديم صورة صحيحة للعالم الإسلامي عن التشيع الأصيل الثوروي الذي يعتبر الإمام الخميني(ره) و سماحة قائد الثورة قادته . الدليل الأخر هو تضخيم هؤلاء الأشخاص بواسطة العدو كما يتم حقن أفكارهم المنحرفة باسم الشيعة بجسد شعوب الدول الإسلامية!

الضربات التي نتلقاها من انعدام النظرة الثقافية في العالم الإسلامي

للأسف لم نمتلك في الأساس نظرة ثقافية للعالم الإسلامي و تركنا توجيه الرأي العام للمسلمين و انشغلنا فقط بالقضايا السياسية والأمنية. لقد استفاد العدو بشكل جيد من هذه الفرصة و لم يوسّع فقط من نهجه المناهض للشيعة كما استفاد من جهل الناس بالتشيع من أجل خلق حالة من سوء الظن تجاه الشيعة، بل قدّم للمسلمين حركة مزيّفة منحرفة بعنوان رمز للشيعة ليتمكن من إثبات تهمه ضد التشيع بواسطة الشيعة أنفسهم !

السبب في أن شعبية الجمهورية الإسلامية قد تدنّت خلال الأعوام الأخيرة علي مستوي العالم الإسلامي يجب البحث عنه في مثل هذه القضايا. إن العامة في العالم الإسلامي غير قادرون علي التمييز بين ياسر الحبيب وآية الله الخامنئي و برأيهم فإن الإثنين «شيعة». لا ذنب لهم في عدم التمييز هذا. لأنهم  لم يسمعوا رواية أخري غير هذه الرواية عن الشيعة. نحن الملامون في هذا الأمر لأننا أولاً لم نعرّف الشيعة الأصيلة المنادية بالوحدة و ثانياً أننا لم نوضح جيداً حدودها مع تلك التيارات المنحرفة. ومع ذلك لم نمتلك وسيلة إعلامية وليس لدينا تلك الوسيلة الأن في حال أردنا أن نصحح عقلية المسلمين تجاهنا. هذا النقص يعود إلي عدم وجود نظرة ثقافية إلي العالم الإسلامي حيث نتحمل الآن ضرباته الموجعة.

استبدال «الشيعة» بدل «اسرائيل»!

لا يوجد بيننا غريب! كان السيد حسن نصر الله ذات يوم من أكثر الشخصيات شعبية في العالم العربي لكنه لم يعد اليوم كذلك! لماذا؟ بسبب خلق أساليب للتفرقة في العالم الإسلامي و خلق حالة من سوء الظن لدي أهل السنة بالنسبة للشيعة. فكيف تولد ذلك التشاؤم؟ علي يد ياسر الحبيب و أمثاله. بالطبع فإن الأزمة السورية لم تكن بلا تأثير. فالعدو بواسطة وسائل إعلامه الكثيرة يقوم يومياً بتكرار قضية عدة مرات في آذان أهل السنة: «بشار الأسد العلوي بمساعدة إيران الشيعية يقوم يومياً بقتل الآلاف من أهل السنة»! يريد العدو زرع خطر عدو وهمي يعني الشيعة في قلب أهل السنة بدل خطر اسرائيل في المنطقة . الشخص الذي يكمل هذه المتاهة هو التيار الشيعي المتطرف الذي بإساءته لمقدسات أهل السنة يعمل علي تحويل أهل السنة إلي أعداء للشيعة. كما أننا نحن و عن طريق الغفلة نقوم باستكمال متاهة العدو في بعض الأحيان. للأسف تُشاهد الإساءة لمقدسات أهل السنة و تحريضهم و تحقيرهم في بعض الأوساط والهيئات و هذا لن يكون له نتيجة سوي عزلة الشيعة وابتعاد بقية المسلمين عن مدرسة أهل البيت(ع). من البديهي أن ابتعاد الآخرين عن سفرة أهل البيت(ع) هي أكبر خيانة للإسلام و التشيّع.

 

شكوي قائد الثورة من بعض الهيئات  (دانلود) تحميل

ما الذي يجب فعله؟

النقطة الأخري هي كيف يمكن مواجهة التيار الشيعي المتطرف. صحيح أن هذا التيار تتم تقويته عن طريق الإستكبار لكن يجب أن لا نغفل عن وجهه الثقافي. لقد عمل هذا التيار لسنوات علي بعض الهيئات عملاً ثقافياً و استطاع أن ينقل أفكاره إلي بعض منها. لذلك و من أجل مواجهة هذا التيار لا بد من القيام بعمل ثقافي و مجرد الأعمال الأمنية لا تحل المشكلة. يجب التفكير في مواجهة «فكر» هذا التيار وليس شخص صادق شيرازي فقط.

المواجهة الثقافية لهذا التيار تعني الإجابة علي شبهاتهم في باب الوحدة الإسلامية، شرح النهج الوحدوي لأهل البيت(ع)، شرح الطريقة الصحيحة لتعظيم شعائر أهل البيت(ع) و الحيلولة دون نسيان العدو الأكبر يعني الإستكبار العالمي في وسط الإختلافات الشيعية السنية. كما يجب إخراج الوحدة من مجرد الشعارات و تطبيقها بشكل عملي. يقول قائد الثورة حول هذا الأمر: «لدينا الكثير من الأحاديث حول ثواب المشاركة في صلاة جماعة أهل السنة في زمن الأئمة عليهم السلام حيث يوجد في الحديث أن صلّوا وراءهم، كأنكم صليتم خلف رسول الله(ص)...هذا هو استعراض الوحدة. أظهروا الوحدة بشكل عملي.»26/10/2009

في نهاية الأمر هناك توصية مؤلمة لكنها تذكّرنا بأمرنا. لنقم من خلال العمل بأوامرهم بالمضي قدماً في سبيل عزة الإسلام:

«هذه الوحدة في إيران حققناها بثمن باهظ. نداء الوحدة هذا في العالم كان مكلفا حتي أعطي نتيجة. لا تهدموا ذلك بسهولة! كل من يهدم ذلك فقد خان؛ ليكن من كان. لا فرق إن كان سنياً أم شيعياً.»

ترجمه: د.كامل سماعيل




المستعمل تعليقات