حمولة ...

 

جميع الأدلة والوثائق التي قمت بجمعها أوصلتني إلي نتيجة واضحة للغاية مفادها أن عدداً من المدنيين غير المقاتلين- علي حد قول مسؤول رسمي قد يبلغون حوالي 5000شخص- قد قُتلوا علي أثر نيران غزيرة للقوات الأمريكية في سبيل «إحلال الإستقرار» في يونغ هوا. إن معدل الضحايا هذا لا يكاد يذكر مقارنة مع ما حدث في مذبحة ماي لاي. لقد زجّ الفيلق التاسع في الجيش الأمريكي بكامل قوته و قدرته في تلك العمليات. قام ثمانية آلاف عنصر من المشاة بدك منطقة ريفية ذات كثافة سكانية عالية.... كان عدد سكان قريتنا قبل عام 1969حوالي 5000 نسمة لكن في عام 1970 لم يكن يعش فيها حتي شخص واحد. لقد قام الأمريكيون بتدمير جميع المنازل بنيران المدفعية وبالغارات الجوية أو بحرقها بالولاعة.

لقد ارتكب الأمريكيون خلال هجومهم علي فيتنام جرائم كبيرة والكثير منها قد اختفت في طيات التاريخ أو تمّ حذفها عمداً بموس الرقابة. إحدي تلك الجرائم العمليات التي تعرف باسم «إحلال السلام» التي وقعت في آخر أيام حكومة جانسون- همفري و في الفترة التي كان كيسينجر يتمتع فيها بصلاحيات واسعة في إدارة و توجيه الحرب. كان الهدف من تلك العمليات قمع واحتلال محافظة يونغ هوا.

كشف كوبن باكلي ممثل و رئيس مكتب أسبوعية نيوزيك في سايغون معلومات حول جرائم الجنود الأمريكيين في ذلك الهجوم.

قام بطباعة قسم من تلك المعلومات بتاريخ 19 يونيو 1972. كتب باكلي في تقريره:

جميع الأدلة والوثائق التي قمت بجمعها أوصلتني إلي نتيجة واضحة للغاية مفادها أن عدداً من المدنيين غير المقاتلين- علي حد قول مسؤول رسمي قد يبلغون حوالي 5000شخص- قد قُتلوا علي أثر نيران غزيرة للقوات الأمريكية في سبيل «إحلال الإستقرار» في يونغ هوا. إن معدل الضحايا هذا لا يكاد يذكر مقارنة مع ما حدث في مذبحة ماي لاي. قام ثمانية آلاف عنصر من المشاة بدك منطقة ريفية ذات كثافة سكانية عالية. قام الفيلق التاسع في محاولة منه «لإحلال الإستقرار» بالإستفادة من 50 مدفع و 50 مروحية (عدد كبير منها مزود برشاش و صواريخ) بشكل واسع مدعومة بشكل كامل من القوات الجوية. خلال عمليات «إكسبريس السريع» قامت القاذفات الأمريكية بحوالي 3381 غارة جوية...

كان شعار «الموت مهنتنا و العمل يسير بشكل جيد» يشاهد خلال تلك العمليات علي لافتة أحد الوحدات السكنية المؤقتة.

في الحقيقة هذا ما حدث بالفعل لأن الأرقام الكلية المتعلقة بتلك العمليات يدل علي أن 10899 شخص من العدو قد قتلوا. كتبت الصحيفة الرسمية للفيلق التاسع أنه في شهر مارس فقط «أكثر من 3000 جندي من العدو قد قتلوا....، حيث أن هذا الرقم يعادل أعلي مجموع خسائر شهرية لكل من الفيالق الأمريكية في حرب فيتنام».

وفي جواب علي سؤال حول السبب في ارتفاع عدد الضحايا بهذا الشكل الكبير قال ضابط رفيع المستوي أن مجموعات مروحيات الجيش كانت تفاجيء «العدو» غير المسلح في المزارع المفتوحة...توجد وثائق لا يمكن إنكارها تثبت أن الفيتناميين كانوا مسلحين.

لا شك في أن المدنيين لم يكونوا مسلحين. إن توضيح سبب الفرق الكبير بين أرقام الخسائر (11000شخص) وعدد الأسلحة المصادرة (748 قطعة سلاح) هو أمر مشكل للغاية. إلا إذا وصلنا إلي هذه النتيجة الواضحة من أن عدداً كبير من الضحايا كانوا من المدنيين الأبرياء العزّل...

 

إن الأشخاص الذين مازالوا يعيشون في محافظة يونغ هوا- المحافظة التي «أحلّ الإستقرار» فيها مازال لديهم ذكريات واضحة و دقيقة عن التأثير المميت للنيران الأمريكية الثقيلة علي منازلهم و حياتهم في نيسان من عام 1969. جميع الأشخاص الذين قابلناهم كانوا متأثرين بطريقة ما بنار الحرب الأمريكية. قال لي أحد السكان القدامي للقرية المدمرة: « كان عدد سكان قريتنا قبل عام 1969حوالي 5000 نسمة لكن في عام 1970 لم يكن يعش فيها حتي شخص واحد. لقد قام الأمريكيون بتدمير جميع المنازل بنيران المدفعية وبالغارات الجوية أو بحرقها بالولاعة. لقد مات حوالي 100 شخص علي أثر القصف و العدد الآخر أصيب. كما تشردت مجموعة أخري. حتي أن العديد من الأطفال بجثثهم الصغيرة ومع أنهم كانوا يختبئون في القبو لم يتحملوا التفجيرات».

إن تصريحات المسؤولين الرسميين الآخرين و من بينهم رئيس شرطة القرية يؤكد كلام هؤلاء القرويين. بالطبع لم أتمكن من الذهاب إلي جميع فري المنطقة لكن في كل منطقة استطعت أن أذهب أو أصل إليها كانت المشاهدات والكلام واحد: 100 قتيل هنا، 200 قتيل هناك.

(المصدر: جرائم السيد كيسنجر، كريستوفر هيتشنز ، ترجة هما سليمي، ص 56 – 58)




المستعمل تعليقات